[فصل]
: وأما
تقطيعهم الثياب المطروحة خرقا وتفريقها فقد بينا أنه إن كان صاحب الثوب رماه إلى المغني لم يملكه بنفس الرمي حتى يملكه إياه فإذا ملكه إياه فما وجه تصرف الغير فيه . ولقد شهدت بعض فقهائهم يخرق الثياب ويقسمها ويقول هذه الخرق ينتفع بها وليس هذا بتفريط ، فقلت : وهل التفريط إلا هذا ، ورأيت شيخا آخر منهم يقول خرقت خرقا في بلدنا فأصاب رجل منها خريقة فعملها كنفا فباعه بخمسة دنانير فقلت له : إن الشرع لا يجيز هذه الرعونات لمثل هذه النوادر . وأعجب من هذين الرجلين
أبو حامد الطوسي فإنه قال "يباح لهم تمزيق الثياب إذا خرقت قطعا مربعة تصلح لترقيع الثياب
[ ص: 256 ] والسجادات فإن الثوب يمزق حتى يخاط منه قميص ولا يكون ذلك تضييعا ولقد عجبت من هذا الرجل كيف سلبه حب مذهب التصوف عن أصول الفقه ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فنظر إلى انتفاع خاص ثم ما معنى قوله مربعة فإن المطاولة ينتفع بها أيضا ثم لو مزق الثوب قرامل لانتفع بها ولو كسر السيف نصفين لانتفع بالنصف غير أن الشرع يتلمح الفوائد العامة ويسمي ما نقص منه للانتفاع إتلافا ولهذا ينهى عن كسر الدرهم الصحيح لأنه يذهب منه قيمة بالإضافة إلى المكسور وليس العجب من تلبيس إبليس على الجهال منهم بل على الفقهاء الذين اختاروا بدع
الصوفية على حكم
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي ،
ومالك ،
وأحمد رضوان الله عليهم أجمعين .