[فصل]
: وفي معنى ما ذكرنا من تلبيسه عليهم في ترك الأسباب أنه قد لبس على خلق كثير منهم بأن
التوكل ينافي الكسب . أخبرنا
محمد بن أبي القاسم ، نا
حمد بن أحمد ، نا
أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال سمعت
أبا الحسن بن مقسم يقول : سمعت
محمد بن المنذر يقول سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16065سهل بن عبد الله التستري يقول : من طعن في التوكل فقد طعن في الإيمان ومن طعن على الكسب فقد طعن على السنة .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13594محمد بن ناصر ، نا
أحمد بن علي بن خلف ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=12067أبو عبد الرحمن السلمي قال سمعت
محمد بن عبد الله الرازي يقول : سأل رجل
أبا عبد الله بن سالم وأنا أسمع أنحن مستعبدون بالكسب أم بالتوكل فقال التوكل حال رسول الله صلى الله عليه وسلم والكسب سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما سن الكسب لمن ضعف عن التوكل وسقط عن درجة الكمال التي هي حاله فمن أطاق التوكل فالكسب غير مباح له بحال إلا كسب معاونة لا كسب اعتماد عليه ومن ضعف عن حال التوكل التي هي حال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيح له طلب المعاش في الكسب لئلا يسقط عن درجة سنته حين سقط عن درجة حاله .
أنبأنا
عبد المنعم بن عبد الكريم ، نا أبي، قال سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين قال سمعت
أبا القاسم الرازي يقول سمعت
يوسف بن الحسين قال :
إذا رأيت المريد يشتغل بالرخص والكسب فليس يجيء منه شيء .
قال المصنف رحمه الله : قلت هذا كلام قوم ما فهموا معنى التوكل وظنوا أنه ترك الكسب وتعطيل الجوارح عن العمل وقد بينا أن التوكل فعل القلب فلا ينافي حركة الجوارح ولو كان كاسب ليس بمتوكل لكان الأنبياء غير متوكلين فقد كان
آدم عليه السلام حراثا
ونوح وزكريا نجارين
وإدريس خياطا
وإبراهيم ولوط زراعين
وصالح تاجرا ، وكان
سليمان يعمل الخوص وداود يصنع الدرع ويأكل من ثمنه وكان
موسى وشعيب ومحمد رعاة صلوات الله عليهم أجمعين .
وقال نبينا صلى الله عليه وسلم
nindex.php?page=hadith&LINKID=885800كنت أرعى غنما لأهل مكة بالقراريط . فلما أغناه الله عز وجل بما
[ ص: 274 ] فرض له من الفيء لم يحتج إلى الكسب . وقد كان
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر ،
وعثمان ،
nindex.php?page=showalam&ids=38وعبد الرحمن بن عوف ،
وطلحة رضوان الله تعالى عليهم بزازين وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ،
وميمون بن مهران بزازين ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=15الزبير بن العوام ،
nindex.php?page=showalam&ids=59وعمرو بن العاص ،
وعامر بن كريز خزازين وكذلك
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبو حنيفة . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص يبري النبل وكان
عثمان بن طلحة خياطا . وما زال التابعون ومن بعدهم يكتسبون ويأمرون بالكسب .
أخبرنا
محمد بن أبي طاهر ، نا
أبو محمد الجوهري ، نا
ابن حياة ، نا
أبو الحسن بن معروف ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=14130الحسين بن الفهم ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16964محمد بن سعد ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17081مسلم بن إبراهيم ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17235هشام الدستوائي قال حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب قال لما استخلف
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر رضي الله عنه أصبح غاديا إلى الوسق وعلى رقبته أثواب يتجر بها فلقيه عمر وأبو عبيدة فقالا أين تريد : فقال السوق قالا تصنع ماذا ؟ وقد وليت أمور المسلمين قال : فمن أين أطعم عيالي ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=16965ابن سعد وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=12297أحمد بن عبد الله بن يونس ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر بن عياش ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16723عمرو بن ميمون عن أبيه قال : لما استخلف
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر جعلوا له ألفين . فقال زيدوني فإن لي عيالا وقد شغلتموني عن التجارة فزادوه خمسمائة .
قال المصنف رحمه الله : قلت لو قال رجل للصوفية من أين أطعم عيالي ؟ لقالوا قد أشركت ، ولو سئلوا عمن يخرج إلى التجارة لقالوا ليس بمتوكل ولا موقن وكل هذا لجهلهم بمعنى التوكل واليقين ، ولو كان أحد يغلق عليه الباب ويتوكل لقرب أمر دعواهم لكنهم بين أمرين أما الغالب من الناس فمنهم من يسعى إلى الدنيا مستجديا ومنهم من يبعث غلامه فيدور بالزنبيل فيجمع له . . وإما الجلوس في الرباط في هيئة المساكين وقد علم أن الرباط لا يخلو من فتوح كما لا تخلو الدكان من أن يقصد للبيع والشراء .
أخبرنا
عبد الوهاب الحافظ ، نا
أبو الحسين بن عبد الجبار ، نا
أبو طالب العشاري ، نا
محمد بن عبد الرحمن المخلص ، نا
عبيد الله بن عبد الرحمن السكري ، ثنا
أبو بكر بن عبيد قال حدثت عن
nindex.php?page=showalam&ids=15461الهيثم بن خارجة ، ثنا
سهل بن هشام ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12358إبراهيم بن أدهم قال : كان
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب يقول من لزم المسجد وترك الحرفة وقبل ما يأتيه فقد ألحف في السؤال .
[ ص: 275 ] أخبرنا المحمدان
ابن ناصر ،
وابن عبد الباقي قالا : نا
حمد بن أحمد ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=12181أبو نعيم الحافظ . قال سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين يقول سمعت جدي
إسماعيل بن نجيدي يقول : كان
أبو تراب يقول لأصحابه من لبس منكم مرقعة فقد سأل ومن قعد في خانقاه أو مسجد فقد سأل .
قال المصنف رحمه الله : قلت وقد كان السلف ينهون عن التعرض لهذه الأشياء ويأمرون بالكسب . أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13755عبد الوهاب بن المبارك ، نا
أبو الحسين بن عبد الجبار ، نا
محمد بن علي بن الفتح ، نا
محمد بن عبد الرحمن المخلص ، نا
عبيد الله بن عبد الرحمن السكري ، نا
أبو بكر بن عبيد القرشي ، نا
عبيد بن الجعد ، نا
المسعودي ، عن
خوات التيمي قال : قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه . يا معشر الفقراء ارفعوا رؤوسكم فقد وضح الطريق فاستبقوا الخيرات ولا تكونوا عيالا على المسلمين .
أخبرنا
ابن ناصر ، نا
أبو الحسين بن عبد الجبار ، نا
أبو القاسم التنوخي ،
وأبو محمد الجوهري ،
وأبو الخير القزويني قالوا نا
أبو عمر بن حياة ، نا
محمد بن خلف ، ثنا
أبو جعفر اليماني ، نا
أبو الحسن المدايني ، عن
محمد بن عاصم قال : بلغني أن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا رأى غلاما فأعجبه سأل عنه هل له حرفة فإن قيل لا قال سقط من عيني .
أخبرنا
إسماعيل بن أحمد ، نا
عمر بن عبد الله النقال ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=12992أبو الحسين بن بشران ، نا
عثمان بن أحمد الدقاق ، نا
حنبل ثني
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=17105معاذ بن هشام ثني أبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب قال : كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في تجر الشام منهم طلحة بن عبيد الله وسعيد بن زيد .
أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=13755عبد الوهاب بن المبارك ، نا
جعفر بن أحمد السراج ، نا
عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب ، نا أبي، نا
أحمد بن مروان المالكي ، نا
أبو القاسم بن الختلي : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل وقلت : ما تقول في رجل جلس في بيته أو في مسجده وقال لا أعمل شيئا حتى يأتيني رزقي فقال أحمد هذا رجل جهل العلم أما سمعت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=856639جعل الله رزقي تحت ظل رمحي ، وحديث الآخر في ذكر الطير تغدو خماصا فذكر أنها تغدو في طلب الرزق ، قال تعالى
[ ص: 276 ] (
وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله ) وقال : (
ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم ) وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتجرون في البر والبحر ويعملون في نخيلهم ولنا القدوة بهم . وقد ذكرنا فيما مضى عن
أحمد أن رجلا قال له : أريد الحج على التوكل فقال له فاخرج في غير القافلة . قال لا . قال فعلى جراب الناس توكلت .
أخبرنا
ابن ناصر ، نا
أبو الحسين بن عبد الجبار ، نا
عبد العزيز بن علي الأزجي ، نا
إبراهيم بن محمد بن جعفر الناجي ، نا
أبو بكر عبد العزيز بن جعفر ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=14242أبو بكر أحمد بن محمد الخلال ، نا
nindex.php?page=showalam&ids=15202أبو بكر المروزي قال : قلت لأبي عبد الله هؤلاء المتوكلة يقولون نقعد وأرزاقنا على الله عز وجل . فقال هذا قول رديء . أليس قد قال الله تعالى . (
إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ) ثم قال إذا قال لا أعمل وجيء إليه بشيء قد عمل واكتسب لأي شيء يقبله من غيره . قال الخلال : وأخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16408عبد الله بن أحمد قال : سألت أبي عن قوم يقولون نتوكل على الله ولا نكتسب فقال : ينبغي للناس كلهم يتوكلون على الله . ولكن يعودون على أنفسهم بالكسب . هذا قول إنسان أحمق .
قال
الخلال : وأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=11958محمد بن علي قال ثنا
صالح أنه سأل أباه يعني
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل عن التوكل فقال التوكل حسن ولكن ينبغي أن يكتسب ويعمل حتى يغني نفسه وعياله ولا يترك العمل . قال وسئل أبي وأنا شاهد عن قوم لا يعملون ويقولون نحن المتوكلون فقال هؤلاء مبتدعون . قال
الخلال وأخبرنا
المروزي أنه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله إن
nindex.php?page=showalam&ids=16008ابن عيينة كان يقول هم مبتدعة . فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبو عبد الله هؤلاء قوم سوء يريدون تعطيل الدنيا . وقال
الخلال وأخبرنا
المروزي قال سألت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله عن رجل جلس في بيته وقال أجلس وأصبر وأقعد في البيت ولا أطلع على ذلك أحدا فقال : لو خرج فاحترف كان أحب إلي فإذا جلس خفت أن يخرجه جلوسه إلى غير هذا قلت إلى أي شيء يخرجه . قال يخرجه إلى أن يكون يتوقع أن يرسل إليه قال
الخلال وحدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15202أبو بكر المروزي قال سمعت رجلا يقول
nindex.php?page=showalam&ids=12251لأبي عبد الله أحمد بن حنبل إني في كفاية قال الزم السوق تصل به الرحم وتعود به على عيالك . وقال لرجل آخر اعمل وتصدق
[ ص: 277 ] بالفضل على قرابتك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل قد أمرتهم يعني أولاده أن يختلفوا إلى السوق وأن يتعرضوا للتجارة .
قال
الخلال وأخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=14179محمد بن الحسين أن
الفضل بن محمد بن زياد حدثهم قال سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أبا عبد الله يأمر بالسوق ويقول : ما أحسن الاستغناء عن الناس . وقال
الخلال وأخبرني
يعقوب بن يوسف المطوعي قال : سمعت
أبا بكر بن جناد . يقول :
الجصاصي قال سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=12251أحمد بن حنبل يقول أحب الدراهم إلي درهم من تجارة وأكرهها عندي الذي من صلة الإخوان .
قال المصنف رحمه الله : قلت وكان
nindex.php?page=showalam&ids=12358إبراهيم بن أدهم يحصد
وسلمان الخواص يلقط
وحذيفة المرعشي يضرب اللبن ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13371ابن عقيل لا يقدح في التوكل لأن تعاطي رتبة ترقى على رتبة الأنبياء نقص في الدين . ولما قيل
لموسى عليه السلام (
إن الملأ يأتمرون بك ليقتلوك ) خرج ولما جاع واحتاج إلى عفة نفسه أجر نفسه ثمان سنين . وقال الله تعالى (
فامشوا في مناكبها ) وهذا لأن الحركة استعمال بنعمة الله وهي القوى فاستعمل ما عندك ثم اطلب ما عنده . وقد يطلب الإنسان من ربه وينسى ما له عنده من الذخائر فإذا تأخر عنه ما يطلبه يسخط . فترى بعضهم يملك عقارا وأثاثا فإذا ضاق به القوت واجتمع عليه دين فقيل له . لو بعت عقارك . قال كيف أفرط في عقاري وأسقط جاهي عند الناس وإنما يفعل هذه الحماقات العادات وإنما قعد أقوام عن الكسب استثقالا له فكانوا بين أمرين قبيحين . إما تضييع العيال فتركوا الفرائض أو التزين باسم أنه متوكل فيحن عليهم المكتسبون فضيقوا على عيالهم لأجلهم وأعطوهم . وهذه الرذيلة لم تدخل قط إلا على دنيء النفس الرذيلة وإلا فالرجل كل الرجل من لم يضيع جوهره الذي أودعه الله إيثارا للكسل أو لاسم يتزين به بين الجهال فإن الله تعالى قد يحرم الإنسان المال ويرزقه جوهرا يتسبب به إلى تحصيل الدنيا بقبول الناس عليه .