قال وما كان المتقدمون في التصوف إلا رؤوسا في القرآن والفقه والحديث والتفسير ولكن هؤلاء أحبوا البطالة.
وقال
أبو [ ص: 313 ] حامد الطوسي اعلم أن ميل أهل التصوف إلى الإلهية دون التعليمية ولذلك لم يتعلموا ولم يحرصوا على دراسة العلم وتحصيل ما صنفه. بل قالوا: الطريق تقديم المجاهدات بمحو الصفات المذمومة وقطع العلائق كلها والإقبال على الله تعالى بكنه الهمة وذلك بأن يقطع الإنسان همه عن الأهل والمال والولد والعلم ويخلو بنفسه في زاوية ويقتصر على الفرائض والرواتب ولا يقرن همه بقراءة قرآن ولا بالتأمل في نفسه ولا يكتب حديثا ولا غيره ولا يزال يقول الله الله الله الله إلى أن ينتهي إلى حال يترك تحريك اللسان ثم يمحى عن القلب صورة اللفظ.
قال المصنف رحمه الله: قلت عزيز علي أن يصدر هذا الكلام من فقيه فإنه لا يخفى قبحه فإنه على الحقيقة طي لبساط
الشريعة التي حثت على تلاوة القرآن وطلب العلم. وعلى هذا المذهب فقد رأيت الفضلاء من علماء الأمصار فإنهم ما سلكوا هذه الطريق وإنما تشاغلوا بالعلم أولا. وعلى ما قد رتب
أبو حامد تخلو النفس بوساوسها وخيالاتها ولا يكون عندها من العلم ما يطرد ذلك فيلعب بها إبليس أي ملعب فيريها الوسوسة محادثة ومناجاة ولا ننكر أنه إذا طهر القلب انصبت عليه أنوار الهدى فينظر بنور الله إلا أنه ينبغي أن يكون تطهيره بمقتضى العلم لا بما ينافيه فإن الجوع الشديد والسهر وتضييع الزمان في التخيلات أمور ينهى الشرع عنها فلا يستفاد من صاحب الشرع شيء ينسب إلى ما نهى عنه كما
لا تستباح الرخص في سفر قد نهى عنه. ثم لا تنافي بين العلم والرياضة بل العلم يعلم كيفية الرياضة ويعين على تصحيحها وإنما تلاعب الشيطان بأقوام أبعدوا العلم وأقبلوا على الرياضة بما ينهى عنه العلم والعلم بعيد عنهم فتارة يفعلون الفعل المنهي عنه وتارة يؤثرون ما غيره أولى منه وإنما كان يفتي في هذه الحوادث العلم وقد عزلوه فنعوذ بالله من الخذلان. أنبأنا
ابن ناصر ، عن
أبي علي بن البنا قال: كان عندنا بسوق السلاح رجل كان يقول القرآن حجاب، والرسول حجاب ليس إلا عبد رب فافتتن جماعة به فأهملوا العبادات واختفى مخافة القتل. أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=12461محمد بن عبد الملك ، نا
أحمد بن علي بن ثابت ، نا
أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن حمد الجبائي ، ثنا
أحمد بن سليمان النجاد ، ثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17099محمد بن عبد الله بن [ ص: 314 ] سليمان ، ثنا
هشام بن يونس ، ثنا
المحاربي ، عن
بكر بن حنش ، عن
ضار بن عمرو قال إن قوما تركوا العلم ومجالسة أهل العلم واتخذوا محاريب فصلوا وصاموا حتى يبس جلد أحدهم على عظمه وخالفوا السنة فهلكوا فوالله الذي لا إله غيره ما عمل عامل قط على جهل إلا كان ما يفسد أكثر مما يصلح.