فصل: وقد
لبس إبليس على الكاملين في العلوم فيسهرون ليلهم ويدأبون نهارهم في تصانيف العلوم ويريهم إبليس أن المقصود نشر الدين ويكون مقصودهم الباطن انتشار الذكر وعلو الصيت والرياسة وطلب الرحلة من الآفاق إلى المصنف.
وينكشف هذا التلبيس بأنه لو انتفع بمصنفاته الناس من غير تردد إلى أو قرئت على نظيره في العلم فرح بذلك إن كان مراده نشر العلم، وقد
قال بعض السلف: ما من علم علمته إلا أحببت أن يستفيده الناس من غير أن ينسب إلي، ومنهم من يفرح بكثرة الاتباع ويلبس عليه إبليس بأن هذا الفرح لكثرة طلاب العلم وإنما مراده كثرة الأصحاب واستطارة الذكر، ومن ذلك العجب بكلماتهم وعلمهم، وينكشف هذا التلبيس بأنه لو انقطع بعضهم إلى غيره ممن هو أعلم منه ثقل ذلك عليه، وما هذه صفة المخلص في التعليم لأن مثل المخلص مثل الأطباء الذين يداوون المرضى لله سبحانه وتعالى فإذا شفي بعض المرضى على يد طبيب منهم فرح الآخر، وقد ذكرنا آنفا حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12526ابن أبي ليلى ونعيده بإسناد آخر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16330عبد الرحمن بن أبي ليلى قال:
أدركت عشرين ومائة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار ما منهم رجل يسأل عن شيء إلا ود أن أخاه كفاه، ولا يحدث بحديث إلا ود أن أخاه كفاه.