صفحة جزء
43 - (ومن كتاب العرش قال أحمد ، ثنا محمد بن سعد بن الحسين ، ثنا أحمد بن إبراهيم الموصلي ، ثنا الربيع بن سليمان ، عن حفص بن عبد الله ، عن عثمان بن عطاء الخرساني عن أبيه) ، عن أبي سفيان الألهاني ، عن تميم الداري ، قال : سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن معانقة الرجل الرجل ، إذا هو لقيه ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن أول من عانق خليل الله إبراهيم ، وذلك أنه خرج يرتاد لماشيته في جبل من جبال بيت المقدس ، فسمع صوتا يقدس الله فذهل عما كان يطلب ، وقصد (قصد) الصوت ، فإذا هو برجل أهلب ، (طوله ثمانية عشر) ذراعا يقدس الله ، فقال له إبراهيم : يا شيخ ، من ربك ؟ (قال) : الذي في السماء . قال : من رب من في السماء ؟ قال : الذي في السماء ، قال : وما فيهما إله غيره ؟ قال : لا إله إلا هو رب من في (السماء) ، ورب من في الأرض . قال : يا شيخ هل معك أحد من قومك ؟ قال : ما علمت أن أحدا من قومي بقي غيري ، قال : فما طعامك ؟ قال : أجمع من ثمر هذا الشجر في الصيف ، فآكله في الشتاء ، قال : فأين قبلتك ؟ فأومأ إلى قبلة إبراهيم عليه السلام . قال : أين منزلك ؟ قال في تلك المغارة ، قال : فانطلق إلى بيتك ، قال : إن بيني وبين بيتي واديا لا ينخاض ، قال : فكيف تعبره ؟ قال : أعبر على الماء ذاهبا ، وأعبر عليه جائيا . فقال إبراهيم : انطلق فلعل الذي يذلله لك ، يذلله لي ، فانطلقا فأتيا الماء فمشى كل واحد على الماء يعجب مما أوتي صاحبه ، (فدخلا) إلى الغار ،

[ ص: 141 ] (فنظر إبراهيم ) ، فإذا قبلته قبلته ، فقال له إبراهيم : يا شيخ ، أي يوم أعظم ؟ قال : يوم يضع الله كرسيه للحساب ، يوم تؤمر جهنم أن تزفر زفرة لا يبقى لها ملك مقرب ، ولا نبي مرسل إلا خر ساجدا تهمه نفسه من هول ذلك اليوم ، قال إبراهيم : يا شيخ : ادع الله أن يؤمنني وإياك من هول ذلك اليوم ، قال : وما يصنع بدعائي ، إن لي دعوة محبوسة في السماء منذ ثلاث سنين لم أرها ، قال له إبراهيم : ألا أخبرك ما حبس دعاءك ؟ قال : بلى ، قال : إن الله عز وجل إذا أحب عبدا أخر مسألته لحبه صوته ، وإذا أبغض عبدا عجل مسألته ، أو ألقى الأياس في صدره ، فما دعوتك المحبوسة في السماء منذ ثلاث سنين ؟ قال : مر بي في هذا المكان شاب له ذؤابة في رأسه ، معه غنم كأنما خشيت ، وبقر كأنما دهنت ، قلت : بالله لمن هذه ؟ قال : لخليل الله إبراهيم عليه السلام ، فقلت : اللهم إن كان لك خليل في الأرض فأرينه قبل خروجي من الدنيا ، فقال إبراهيم : قد أجيبت دعوتك ، فاعتنق هو وإبراهيم ، وكان قبل ذلك السجود ، يسجد هذا لهذا ، وهذا لهذا إذا لقيه ، ثم جاء الإسلام بالمصافحة ، فلا تفترق الأصابع حتى يغفر لكل واحد منهما ، والحمد لله الذي وضع عنا الآصار .


[ ص: 142 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية