صفحة جزء
ذكر الحث على لزوم القناعة

حدثنا حسن بن سفيان الشيباني ، حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي ، حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي عن الأعمش ، عن مجاهد عن ابن عمر قال " أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنكبي، فقال: كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل ".

[ ص: 149 ] قال أبو حاتم رضي الله عنه: قد مكثت برهة من الدهر متوهما أن الأعمش لم يسمع هذا الخبر من ليث بن أبي سليم، فدلسه، حتى رأيت علي بن المديني حدث بهذا الخبر عن الطفاوي عن الأعمش قال: حدثني مجاهد; فعلمت حينئذ أن الخبر صحيح، لا شك فيه، ولا امتراء في صحته.

فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر في هذا الخبر أن يكون في الدنيا كأنه غريب أو عابر سبيل; فكأنه أمره بالقناعة باليسير من الدنيا; إذ الغريب وعابر السبيل لا يقصدان في الغيبة الإكثار من الثروة، بل القناعة إليهما أقرب من الإكثار من الدنيا.

ولقد أخبرني محمد بن عثمان العقبي حدثني جعفر بن سنيد بن داود حدثني أبي حدثني حجاج ، حدثنا عتبة بن سالم قال: قال أكثم بن صيفي لابنه: يا بني، من لم يأس على ما فاته ودع بدنه، ومن قنع بما هو فيه قرت عينه. وأنشدني علي بن محمد البسامي :


من تمام العيش ما قرت به عين ذي النعمة، أثرى أو أقل     وقليل أنت مسرور به
لك خير من كثير في دغل



وأنشدني ابن زنجي البغدادي :


أقول للنفس: صبرا عند نائبة     فعسر يومك موصول بيسر غد
ما سرني أن نفسي غير قانعة     وأن أرزاق هذا الخلق تحت يدي



التالي السابق


الخدمات العلمية