صفحة جزء
أنبأنا عمرو بن محمد ، حدثنا الغلابي ، حدثنا ابن عائشة، قال: غضب سليمان بن عبد الملك على خالد بن عبد الله، فلما دخل عليه، قال: يا أمير المؤمنين، القدرة تذهب الحفيظة، وأنت تجل عن العقوبة، فإن تعف فأهل ذاك أنت، وإن تعاقب فأهل ذاك أنا، قال: فعفا عنه.

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : لا يجب للمرء أن يعتذر بحيلة إلى من لا يحب أن يجد له عذرا، ولا يجب أن يكثر من الاعتذار إلى أخيه؛ فإن الإكثار من الاعتذار هو السبب المؤدي إلى التهمة، وإني أستحب الإقلال من الاعتذار على الأحوال كلها؛ لعلمي أن المعاذير يعتريها الكذب، وقل ما رأيت أحدا [ ص: 184 ] اعتذر إلا شاب اعتذاره بالكذب، ومن اعترف بالزلة استحق الصفح عنها؛ لأن ذل الاعتذار عن الزلة يوجب تسكين الغضب عنها، والمعتذر إذا كان محقا خضع في قوله، وذل في فعله، كما أنشدني المنتصر بن بلال:


أيا رب قد أحسنت عودا وبدأة إلي، فلم ينهض بإحسانك الشكر     فمن كان ذا عذر إليك وحجة
فعذري إقراري بأن ليس لي عذر



وأنشدني الكريزي:


وإني وإن أظهرت لي منك جفوة     وألزمتني ذنبا وإن كنت مجرما
لراض لنفسي ما رضيت لها به     أراك بها مني أبر وأرحما



التالي السابق


الخدمات العلمية