صفحة جزء
ذكر الزجر عن ترك قبول الهدايا من الإخوان

حدثنا محمد بن صالح الطبري ، حدثنا عبد الله بن عمران الأصبهاني - بالري - حدثنا يحيى بن ضريس ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، حدثنا سفيان الثوري ، عن الأعمش ، عن أبي وائل ، عن عبد الله، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "أجيبوا الداعي، ولا تردوا الهدية، ولا تضربوا المسلمين".

قال أبو حاتم - رضي الله عنه - : زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذا الخبر عن ترك قبول الهدايا بين المسلمين.

فالواجب على المرء إذا أهديت إليه هدية أن يقبلها، ولا يردها، ثم يثيب عليها إذا قدر، ويشكر عنها، وإني لأستحب للناس بعث الهدايا إلى الإخوان بينهم؛ إذ الهدية تورث المحبة، وتذهب الضغينة.

ولقد حدثنا محمد بن المهاجر ، حدثنا الدارمي ، حدثنا عبد الله بن صالح، [ ص: 243 ] أنبأنا الليث، قال: سمعت عبد الملك بن رفاعة الفهمي يقول: الهدية هو السحر الظاهر.

حدثني إبراهيم بن أبي أمية بطرسوس، حدثنا حامد بن يحيى البلخي ، حدثنا سفيان، قال: لما قعد أبو حنيفة قال للناس مساور الوراق:


كنا من الدين قبل اليوم في سعة حتى بلينا بأصحاب المقاييس     قوم إذا اجتمعوا صاحوا كأنهم
ثعالب ضبحت بين النواويس



قال: فبلغ ذلك أبا حنيفة، فبعث إليه بمال، فقال مساور حين قبض المال:


إذا ما الناس يوما قايسونا     بآبدة من الفتيا طريفة
أتيناهم بمقياس صحيح     مصيب من طراز أبي حنيفة
إذا سمع الفقيه بها وعاها     وأثبتها بحبر في صحيفة



وأنشدني الكريزي:


إن الهدية حلوة     كالسحر تختلب القلوبا
تدني البعيد من الهوى     حتى تصيره قريبا
وتعيد مضطغن العدا     وة بعد بغضته حبيبا
تنفي السخيمة من ذوي الشـ     حنا وتمتحق الذنوبا



التالي السابق


الخدمات العلمية