صفحة جزء
أنبأنا محمد بن سعيد القزاز ، حدثنا أحمد بن بكر بن سيف ، حدثني محمد بن حسين قال: كان أعرابي بالكوفة، وكان له صديق، وكان يظهر له مودة ونصيحة، فاتخذه الأعرابي من عدده للشدائد إذ حزب الأعرابي أمر، فأتاه، فوجده بعيدا مما كان يظهر للأعرابي، فأنشأ يقول :


إذا كان ود المرء ليس بزائد على "مرحبا" أو "كيف أنت" وحالكا!     ولم يك إلا كاشرا، أو محدثا
فأف لود، ليس إلا كذلكا     لسانك معسول ونفسك بشة
وعند الثريا من صديقك مالكا     وأنت إذا همت يمينك مرة
لتفعل خيرا، قاتلتها شمالكا



سمعت محمد بن المنذر يقول: سمعت عبد العزيز بن عبد الله يقول: قال محمد بن حازم :


وإن من الإخوان إخوان كشرة     وإخوان "حياك الإله" و"مرحبا"
وإخوان، كيف الحال والأهل كله؟     وذلك لا يسوى نقيرا متربا
جواد إذا استغنيت عنه بماله     يقول: إلي القرض، والقرض فاطلبا
فإن أنت حاولت الذي خلف ظهره     وجدت الثريا منه في البعد أقربا



[ ص: 106 ] قال أبو حاتم رضي الله عنه: العاقل لا يصادق المتلون، ولا يؤاخي المتقلب، ولا يظهر من الوداد إلا مثل ما يضمر، ولا يضمر إلا فوق ما يظهر، ولا يكون في النوائب عند القيام بها إلا ككونه قبل إحداثها والدخول فيها، لأنه لا يحمد من الإخاء ما لم يكن كذلك.

وأنشدني محمد بن المنذر، وأنشدني محمد بن خلف التيمي، أنشدني رجل من خزاعة :


وليس أخي من ودني بلسانه     ولكن أخي من ودني في النوائب
ومن ماله مالي، إذا كنت معدما     ومالي له، إن عض دهر بغارب
فلا تحمدن عند الرخاء مؤاخيا     فقد تنكر الإخوان عند المصائب
وما هو إلا كيف أنت ومرحبا     وبالبيض رواغ كروغ الثعالب



التالي السابق


الخدمات العلمية