163 - فصل
[
توارث أهل ملتين ] .
فإن اختلفت أديانهم فقد اختلف العلماء : هل يتوارثون أم لا ؟
فقال
الخلال في " الجامع " : باب قوله : " لا يتوارث أهل ملتين " :
[ ص: 828 ] أخبرني
الميموني أن
أبا عبد الله قال : أما الأحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "
أنه لا يرث مسلم كافرا " ، فإنما
nindex.php?page=showalam&ids=16709عمرو بن شعيب فقط يرويه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350419لا يتوارث أهل ملتين " .
قال : واحتج قوم في الملتين قالوا : وإن كانوا أهل كتاب ، وهي ملل مختلفة أحكامهم ، لهؤلاء حكم ، ولهؤلاء حكم ، فلم يورثوا بعضهم من بعض .
قال
الميموني : ورأيت أكثر مذهبه أنه لا يورث بعضهم من بعض .
ثم ذكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور أنه قال
لأبي عبد الله : لا يتوارث أهل ملتين
[ شتى ] لا يرث اليهودي النصراني ؟ قال : لا يرث هما ملتان مختلفتان .
ثم ذكر من مسائل
الحسن بن ثواب قال : سئل
أبو عبد الله وأنا أسمع : هل يرث المسلم الكافر ؟ قال : لا يتوارث أهل ملتين .
أخبرني
حرب أنه قال
لأبي عبد الله : واليهودي يرث النصراني ؟ فرخص في ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12706أبو بكر الخلال : لا يتوارث أهل ملتين ، فحكى
الميموني ، عن
[ ص: 829 ] أبي عبد الله ، واحتجاجه أنه قال بتوريثهم .
قال : وهذا كلام غير محكم ، إنما هو شيء ظنه عن
أبي عبد الله ،
والحسن بن ثواب قال عنه : لا يتوارث أهل ملتين ، وأما
حرب فقد قال : إني قلت له : لا يتوارث أهل ملتين ؟ قال : " لا يرث المسلم الكافر " ، وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور أنه لا يورثهم ، وهو قديم السماع .
وحكى
حرب أنه يورث بعضهم من بعض ، ولا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم ، وهذا الذي اختاره
الخلال هو مذهب
أبي حنيفة nindex.php?page=showalam&ids=13790والشافعي وأهل الظاهر .
واختار
أبو بكر عبد العزيز الرواية الأخرى ، وأن الكفر ملل مختلفة لا يرث بعضهم بعضا ، وهو الذي نصره القاضي واختاره في " تعليقه " ، وهذا هو الصحيح إن شاء الله تعالى ، وهو قول كثير من أهل العلم ، وقول
أهل المدينة مالك وأصحابه ، لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350416لا يتوارث أهل ملتين شتى ولأنهم لا يتناصرون ولا يتعاقلون ، ولا يوالي بعضهم بعضا .
قال الشيخ في " المغني " : ولم يسمع عن
أحمد تصريح بذكر أقسام الملل .
قال القاضي : الكفر ثلاث ملل : اليهودية والنصرانية ، ودين من عداهم ؛ لأن من عداهم يجمعهم أنهم لا كتاب لهم ، وهذا قول
شريح ،
وعطاء ،
وعمر [ ص: 830 ] بن عبد العزيز ،
nindex.php?page=showalam&ids=16004والثوري ،
والليث ،
وشريك ،
والحكم ،
ومغيرة الضبي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12526وابن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14117والحسن بن صالح ،
nindex.php?page=showalam&ids=17277ووكيع .
قال الشيخ : ويحتمل كلام
أحمد أن الكفر ملل كثيرة ، فتكون المجوسية ملة ، وعباد الأوثان ملة ، وعباد الشمس ملة ، فلا يرث بعضهم بعضا ، روي ذلك عن
علي ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
وربيعة ، وبعض فقهاء
المدينة ،
وأهل البصرة ،
وإسحاق .
قال الشيخ في " المغني " : وهو أصح الأقوال إن شاء الله تعالى ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350421لا يتوارث أهل ملتين شيئا " ، ولأن كل فريقين منهم لا موالاة بينهم ، ولا اتفاق في دين ، فلم يرث بعضهم بعضا ، كالمسلمين ، والكفار ، والعمومات في التوريث مخصوصة ، فيخص منها محل النزاع بالخبر ، والقياس ، ولأن مخالفينا قطعوا التوريث بين أهل الحرب ، وأهل دار الإسلام مع اتفاقهم في الملة لانقطاع الموالاة ، فمع اختلاف الملة
[ ص: 831 ] أولى ، وقول من خص الملة بعدم الكتاب غير صحيح ، فإن هذا وصف عدمي لا يقتضي حكما ، ولا جمعا ، ثم لا بد لهذا الضابط من دليل يدل على اعتباره ، ثم قد افترق حكمهم ، فإن المجوس يقرون بالجزية ، وغيرهم لا يقر بها ، وهم مختلفون في معبوداتهم ، ومعتقداتهم ، وآرائهم ، يستحل بعضهم دماء بعض ، ويكفر بعضهم بعضا ، فكانوا مللا
كاليهود والنصارى ، وقد روي ذلك عن
علي ، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد روى عن
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ، عن
علي أنه جعل الكفر مللا مختلفة ، ولم يعرف له من الصحابة مخالف ، فكان إجماعا .
واحتج القاضي على ذلك بقوله تعالى : ( لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجا ) ، فأثبت لكل شريعة دينا ، وقال تعالى : ( ملة أبيكم إبراهيم ) ، : ( واتبع ملة إبراهيم ) ، فلو كان من خالف
[ ص: 832 ] دين النبي - صلى الله عليه وسلم - أهل ملة واحدة لم يخص إبراهيم بملة ، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لا : " يقبل شهادة ملة على ملة ، إلا ملة الإسلام " ، هذا يقتضي أن هناك مللا غير ملة الإسلام ، ولأن أحكامهم مختلفة ، بدليل أن المجوس لا تؤكل ذبيحتهم ، ولا تنكح نساؤهم ، ولا كتاب لهم ، واليهود والنصارى بخلاف ذلك ، ولأنهم مختلفون في النبي - صلى الله عليه وسلم - والكتاب كاختلاف المسلمين والكفار .