176 - فصل
[ اختلاط أبناء المسلمين بأبناء أهل الذمة ] .
الجهة الرابعة : تبعية الدار ، وذلك في صور :
إحداها : هذه الصورة التي نص عليها
أحمد .
[ ص: 938 ] الثانية : اختلاط أولاد المسلمين بأولاد الكفار على وجه لا يتميزون ، قال
المروذي : قلت
لأبي عبد الله : ما تقول في رجل مسلم ، ونصراني في دار ، ولهما أولاد ، فلم يعرف ولد النصراني من ولد المسلم ؟ قال : يجبرون على الإسلام .
الثالثة : الالتقاط : فكل لقيط وجد في دار الإسلام فهو مسلم ، وإن كان في دار الكفر ولا مسلم فيها فهو كافر ، وإن كان فيها مسلم فهل يحكم بإسلامه أو يكون كافرا ؟ على وجهين : هذا تحصيل مذهب
أحمد .
وقال أصحاب
مالك : كل لقيط وجد في قرى الإسلام ومواضعهم فهو مسلم ، وإن كان في قرى الشرك وأهل الذمة ، ومواضعهم فهو مشرك .
وقال
أشهب : إن التقطه مسلم فهو مسلم ، ولو وجد في قرية ليس فيها إلا الابنان ، والثلاثة من المسلمين فهو مشرك ، ولا يعرض له إلا أن يلتقطه مسلم فيجعله على دينه .
وقال
أشهب : حكمه في هذه أيضا الإسلام التقطه ذمي ، أو مسلم ، لاحتمال أن يكون لمن فيها من المسلمين .
قال : كما أجعله حرا ، وإن كنت لم أعلم حر هو أم عبد ، لاحتمال الحرية ؛ لأن الشرع رجح جانبها هذا تحصيل مذهبهم .
وقالت الشافعية : إما أن يوجد في دار الإسلام ، أو دار الكفر ، فإن
وجد في دار الإسلام فهي ثلاثة أضرب :
[ ص: 939 ] أحدها : دار يسكنها المسلمون ، فاللقيط الموجود فيها مسلم ، وإن كان فيها أهل الذمة ، تغليبا للإسلام .
الضرب الثاني : دار فتحها المسلمون وأقروها في يد الكفار بجزية ، أو ملكوها ، أو صالحوهم ، ولم يملكوها ، فاللقيط فيها مسلم إذا كان ثم مسلم واحد فأكثر ، وإلا فكافر على الصحيح .
وقيل : مسلم لاحتمال أن يكون فيها من يكتم إسلامه .
الثالث : دار كان المسلمون يسكنونها ثم رحلوا عنها ، وغلب عليها الكفار ، فإن لم يكن فيها من يعرف بالإسلام فهو كافر على الصحيح .
وقال
أبو إسحاق : هو مسلم لاحتمال أن يكون فيها من يكتم إسلامه ، وإن كان فيها معروف بالإسلام ، وفيه احتمال
للجويني .
وإن
وجد في دار الكفر ، فإن لم يكن فيها مسلم فاللقيط محكوم بكفره ، وإن كان فيها تجار مسلمون ساكنين فهل نحكم بكفره تبعا للدار ، أو بإسلامه تغليبا للإسلام ؟ فيه وجهان ، وكذا الوجهان لو كان فيها أسارى مسلمون .
فأما المحبوسون في المطامير فلا أثر لهم ، كما لا أثر للمجتازين المارين من المسلمين ، هذا تحصيل مذهبهم .
وقالت الحنفية : إن التقطه في دار الإسلام ، فهو مسلم تبعا للدار ، إلا أن
[ ص: 940 ] يلتقطه من بيعة ، أو كنيسة ، أو قرية من قراهم ، فيكون ذميا ؛ لأن الظاهر أن أولاد المسلمين لا يكونون في مواضع أهل الذمة ، وكذلك بالعكس .
قالوا : ففي ظاهر الرواية اعتبر المكان دون الواجد ، كاللقيط إذا وجده مسلم في دار الحرب .
وروى
أبو سليمان ، عن
محمد : أنه اعتبر الواجد دون المكان ؛ لأن اليد أقوى ، وفي رواية اعتبر الإسلام نظرا للصغير .