[ ص: 1291 ] 241 - فصل
في
هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم في حلق الرأس وتركه وكيفية جعل شعره .
لم يكن هديه حلق رأسه في غير نسك ، بل لم يحفظ عنه أنه حلق رأسه إلا في حج أو عمرة .
وحلق الرأس أربعة أقسام : شرعي ، وشركي ، وبدعي ، ورخصة .
فالشرعي : الحلق في الحج والعمرة .
والشركي : حلق الرأس [ للشيوخ ] فإنهم يحلقون رءوس المريدين
[ ص: 1292 ] للشيخ ، ويقولون : احلق رأسك للشيخ فلان ، وهذا من جنس السجود له ، فإن حلق الرأس عبودية مذلة ، وكثير منهم يعمل المشيخة الوثنية ، فترى المريد عاكفا على السجود له ويسميه وضع رأس وأدبا ، وعلى التوبة له ، والتوبة لا ينبغي أن تكون لأحد إلا لله وحده ، وعلى حلق الرأس له ، وحلق الرأس عبودية لا تصلح إلا لله وحده ، وكانت العرب إذا أمنوا على الأسير جزوا نواصيه وأطلقوه عبودية وإذلالا له ، ولهذا كان من تمام النسك وضع النواصي لله عبودية وخضوعا وذلا .
ويربونه على الحلف باسم الشيخ لإذلاله .
وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10343326من حلف بغير الله فقد أشرك " . فكيف من نذر لغير الله ؟ ! .
وأما الحلق البدعي فهو : كحلق كثير من المطوعة والفقراء يجعلونه شرطا في الفقر ، وزيا يتميزون به عن أهل الشعور من الجند والفقهاء والقضاة وغيرهم .
[ ص: 1293 ] وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في
الخوارج أنه قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350593سيماهم التحليق " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه
لصبيغ بن عسل وقد سأله عن مسائل فأمر بكشف رأسه وقال : " لو رأيتك محلوقا لأخذت الذي فيه عيناك حتى أن تكون من الخوارج " .
ومن حلق البدعة الحلق عند المصائب بموت القريب ونحوه ، فأما المرأة فيحرم عليها ذلك ، وقد
برئ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحالقة والصالقة والشاقة .
فالحالقة التي تحلق شعرها عند المصيبة .
والصالقة التي ترفع صوتها بالويل والثبور ونحوه .
والشاقة التي تشق ثيابها .
وأما الرجل فحلقه لذلك بدعة قبيحة يكرهها الله ورسوله .
[ ص: 1294 ] وأما حلق الحاجة والرخصة فهو كالحلق لوجع أو قمل أو أذى في رأسه من بثور ونحوها فهذا لا بأس به .
وأما حلق بعضه وترك بعضه فهو مراتب : أشدها أن يحلق وسطه ويترك جوانبه كما تفعل شمامسة
النصارى ، ويليه أن يحلق جوانبه ويدع وسطه كما يفعل كثير من السفلة وأسقاط الناس ، ويليه أن يحلق مقدم رأسه ويترك مؤخره .
وهذه الصور الثلاث داخلة في القزع الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبعضها أقبح من بعض .
فإن دعت الحاجة إلى ذلك لضرر برأسه أو لاستخراج ضفيرة تؤذي عينيه جاز حلق بعضه هذا ، والأولى في هذه الحال أن يقتصر على ما تندفع به الحاجة أو حلق جميعه ، وهذا فيه نظر .