[ ص: 1328 ] 254 - فصل
قالوا : " ونوقر المسلمين في مجالسهم ، ونقوم لهم عن المجالس ، ولا نطلع عليهم في منازلهم ، ونرشدهم الطريق .
هذه أربعة أمور :
أحدها :
توقير المسلمين في مجالسهم ، والتوقير التعظيم والاحتشام لهم ، ولا يمكرون عليهم بمكر ، ولا يدخلون عليهم بغير استئذان ، ولا يفعلون بين أيديهم ما يخل بالوقار والأدب ، ويحيونهم بتحية أمثالهم ، ولا يمدون أرجلهم بحضرتهم ، ولا يرفعون أصواتهم بين أيديهم ونحو ذلك .
الثاني : قولهم : " ونقوم لهم عن المجالس " أي : إذا
دخلوا ونحن في مجلس قمنا لهم عنه وأجلسناهم فيه ، فيكون لهم صدره ولنا أدناه ، وهذا يعم المجالس المشتركة والمختصة بهم ، فإذا دخلوا عليهم دورهم وكنائسهم قاموا لهم عن مجالسهم وأجلسوهم فيها .
الثالث : قولهم : " ولا نطلع عليهم في منازلهم " هذا صريح في أنهم لا يعلون عليهم في المسكن سواء كان من بنيانهم أو بنيان غيرهم ، فلا يمكنون من
سكنى دار عالية على المسلمين ؛ لأن ذلك ذريعة إلى اطلاعهم عليهم ، وهذا الذي ندين الله به ولا نعتقد غيره ، أنهم لا يمكنون من السكنى على رءوس المسلمين بحال وقد تقدمت المسألة مستوفاة ، وبينا أن المفسدة في نفس المسلمين لقصور فيهم لا في نفس البناء .
[ ص: 1329 ] الرابع : قولهم : " ونرشدهم الطريق " أي : إذا استدل مسلم على الطريق أرشدناه إلى النحو الذي يقصده ويريده .
وهذا يتناول الإرشاد بنصب الأعلام وبالدلالة وبإرسال من يدل المسلم على الطريق بحسب الحاجة إلى الإرشاد .