272 - فصل
[
المحاد لله ولرسوله ليس له عهد ] .
الدليل السابع : قوله سبحانه : (
ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله فأن له نار جهنم خالدا فيها ذلك الخزي العظيم )
[ ص: 1391 ] ذكر سبحانه هذه الآية عقيب قوله : (
ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن ) فجعلهم مؤذين له بقولهم : ( هو أذن ) ثم قال : (
ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله ) فجعلهم بهذا محادين ، ومعلوم قطعا أن من
أظهر مسبة الله ورسوله والطعن في دينه أعظم محادة له ولرسوله ، وإذا ثبت أنه محاد فقد قال تعالى : (
إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين ) والأذل أبلغ من الذليل ، ولا يكون أذل حتى يخاف على نفسه وماله ؛ لأن من كان دمه وماله معصوما لا يستباح فليس بأذل ، يدل عليه قوله تعالى : (
ضربت عليهم الذلة أين ما ثقفوا إلا بحبل من الله وحبل من الناس ) فبين سبحانه أنهم أينما ثقفوا فعليهم الذلة إلا مع العهد ، فعلم أن من له عهد وحبل يأمن به على نفسه وماله لا ذلة عليه ، وإن كانت عليه المسكنة ، فإن المسكنة قد تكون مع عدم الذلة ، وقد جعل سبحانه الحادين في الأذلين ، فلا يكون لهم عهد ؛ إذ العهد ينافي الذلة كما دلت عليه الآية ، وهذا ظاهر فإن الأذل ليس له قوة يمتنع بها ممن أراده بسوء ، فإذا كان له من المسلمين عهد يجب عليهم به نصره ومنعه فليس بأذل ، فثبت أن المحاد لله ورسوله لا يكون له عهد يعصمه .