35 - فصل
[ في
حكم استسلاف الجزية ]
فإن قيل : فهل للإمام أن يستسلف منهم الجزية ؟
قلنا : ليس له ذلك إلا برضاهم كما ليس له أن يستسلف الزكاة إلا برضا رب المال ، بل الجزية أولى بالمنع ، فإنها تسقط بالإسلام وبالموت في
[ ص: 243 ] أثناء السنة ، وتتداخل عند
أبي حنيفة فهي تتعرض للسقوط قبل الحول وبعده .
فإن قيل : فهل له أن يأخذ منهم في أثناء السنة بقسط ما مضى منها ؟
قيل : هذا فيه نزاع ؛
فأبو حنيفة يجوز أن يأخذ في كل شهر بقسطه ، ولأصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي في ذلك وجهان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12441أبو المعالي الجويني : أظهرهما أنه ليس له ذلك ، فإن المطالبة في آخر السنة عند استمرار الأحوال بذلك جرت سنن الماضين وسنن المتقدمين والجزية موضوعها على الإمهال كالزكاة .
فإن قيل : فما تقولون لو سقط عنه الوجوب في أثناء السنة بموت أو عمى أو زمانة أو إسلام هل تؤخذ منه بقسط ما مضى ؟
قيل : الصحيح من المذهب أنها تسقط عنه وألا يطالب بقسط ما مضى ، ومن الأصحاب من لم يحل في ذلك نزاعا ، ولكن
أبا عبد الله بن حمدان حكى في ذلك وجهين فقال : ومن أسلم في الحول أو مات أو جن جنونا مطبقا أو أقعد أو عمي - فيه وجهان .
فإن قيل : فإن اتفق اجتماع ديون الآدميين والجزية فهل تقدم الجزية أو الديون ؟
قيل : أما أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي فبنوا ذلك على الأصل وقالوا : هذا مستحق بالجزية ، يحق حقوق الله كالزكاة ويحق حقوق الآدميين وليست من القرب ، فعلى هذا تقع المحاصة بينها وبين غيرها من الديون .
[ ص: 244 ] ومنهم من قال : هي من حقوق الله ، فإنه لا مستحق لها معينا ولا تسقط بإسقاط الآدمي ، وهي عقوبة على الكفر وصغار لأهله .
وعلى هذا فيخرج على الأقوال الثلاثة في تقديم حق الله أو حق الآدمي أو وقوع المحاصة .
ولأصحاب
أحمد أيضا ثلاثة أوجه مثل هذه .