45 - فصل
[
الخراج يوضع على الأرض وعلى الزرع ]
ووضع الخراج ضربان .
أحدهما : أن يوضع على الأرض .
والثاني : أن يوضع على الزرع .
فإن وضع على الأرض اعتبر حوله بالسنة الهلالية دون الشمسية ، وهي التي تعتبر بها الآجال شرعا ؛ كالزكاة والدية والجزية وغيرها .
وإن وضع على الزرع ؛ فإن جعله مقاسمة كان معتبرا بكمال الزرع وتصفيته ، وكان ذلك عامه وأجله .
وإن وضعه على مكيلته وأخذ على كل مقدار معين درهما أو نحوه اعتبر أيضا بكمال الزرع ، ووضعه على رقبة الأرض أحوط ; لأنه قد يفرط
[ ص: 272 ] في زرعها فيتعطل خراجها ، وإذا وضع تأبد ما بقيت الأرض على حالها من شربها وقبولها للزرع ، فإن تعطلت وبارت أو انقطع شربها فهو نوعان :
أحدهما : أن يكون ذلك من جهة أهلها وهم قادرون على إصلاحها فهذا لا يسقط الخراج ; لأنه بمنزلة الإجارة فإذا عطل المستأجر الانتفاع لم تسقط عنه الأجرة .
الثاني : أن يكون بسبب لا صنع لهم فيه كانقطاع المياه وإجلاء العدو لهم عن أرضهم ، وجور لحقهم من العمال لم تمكنهم الإقامة عليه ، وتخرب الأرض بالأمطار والسيول ونحو ذلك فهذا يسقط الخراج عنهم حتى تعود الأرض كما كانت ويتمكنوا من الانتفاع بها .
وعلى الإمام أن
يعمر الأرض من بيت المال من سهم المصالح ولا يجوز إلزامهم بعمارتها من أموالهم ، فإن سألهم أن يعمروها من أموالهم ويعتد لهم بما أنفقوا عليها من خراجها فرضوا بذلك جاز ولم يجبروا عليه إلا أن يكون سهم المصالح عاجزا عن ذلك ، ولا يضر بهم عمارتهم بالخراج ، وفي ذلك مصلحة لهم ولأصحاب الفيء فهذا يسوغ له إلزامهم به .
فإن أمكن الانتفاع بتلك الأرض بعد أن بارت لصيد أو مرعى جاز أن يستأنف عليها خراجا بحسب ما تحتمله ، ولا يجوز أن يحمل عليها خراج الأرض العامرة .
فإن قيل : فهل للإمام أن
يضع على الأرض الموات التي لا تزرع [ ص: 273 ] خراجا يكون على مصايدها ومراعيها ؟
قيل : لا يجوز ذلك لأنها مباحة ومن أحياها ملكها فكيف يجوز أن يوضع عليها الخراج ؟ !
وسئل
أحمد عن الصيد في أجمة قطربل ، وقيل له : إنهم يمنعوننا أن نصيد فيها حتى نعطيهم شيئا ، فقال للسائل : احرص على ألا تعطيهم شيئا فإن شارطتهم لا تخنهم .