63 - فصل .
وأما
أموالهم التي يتجرون بها من بلد إلى بلد فإنه يؤخذ منهم نصف عشرها إن كانوا ذمة ، وعشرا إن كانوا أهل هدنة .
وهذه مسألة تلقاها الناس عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، ونحن نذكر أصلها وكيف كان ابتداء أمرها واختلاف الفقهاء في ما اختلفوا فيه من أحكامها بحول الله وقوته وتأييده بعد أن نذكر مقدمة في المكوس وتحريمها والتغليظ في أمرها ، وتحريم الجنة على صاحبها ، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقتله ، وأن قياسها على ما وضعه
عمر رضي الله عنه على أهل الذمة من الخراج أو العشر كقياس أهل الشرك الذين قاسوا الربا على البيع ، والميتة على المذكى .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17376يزيد بن هارون عن
محمد بن إسحاق عن
[ ص: 330 ] nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
عبد الرحمن بن شماسة التجيبي عن
nindex.php?page=showalam&ids=27عقبة بن عامر أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350293لا يدخل الجنة صاحب مكس " .
وقال
أبو عبيد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
يزيد بن أبي [ ص: 331 ] حبيب عن
أبي الخير قال : سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=15904رويفع بن ثابت يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350294إن صاحب المكس في النار " .
قال : يعني العاشر .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15459الهيثم بن جميل عن
nindex.php?page=showalam&ids=17023محمد بن مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=12397إبراهيم بن ميسرة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16248طاوس عن
nindex.php?page=showalam&ids=13عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال : " إن صاحب المكس لا يسأل عن شيء ويؤخذ كما هو فيرمى به في النار " .
حدثنا
حسان بن عبد الله عن
يعقوب بن عبد الرحمن القاري عن أبيه قال : كتب
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز إلى
nindex.php?page=showalam&ids=16556عدي بن أرطاة : " أن ضع عن الناس الفدية ، وضع عن الناس المائدة ، وضع عن الناس المكس وليس بالمكس ولكنه البخس الذي قال الله تعالى :
ولا تبخسوا الناس أشياءهم ولا تعثوا في الأرض مفسدين ، فمن جاءك بصدقة فاقبلها منه ومن لم يأتك بها فالله حسيبه " .
حدثنا
نعيم عن
ضمرة عن
كريز بن سليمان قال : كتب
عمر بن [ ص: 332 ] عبد العزيز إلى
عبد الله بن عوف القاري : أن اركب إلى البيت الذي
برفح الذي يقال له : " بيت المكس " فاهدمه ثم احمله إلى البحر فانسفه فيه نسفا .
قال
أبو عبيد : قد رأيته بين
مصر والرملة .
حدثنا
عثمان بن صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
مخيس بن ظبيان حدثه عن
عبد الرحمن بن حسان عن رجل من
جذام عن
مالك بن عتاهية قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
من لقي صاحب عشور فليضرب عنقه " .
[ ص: 333 ] [ ص: 334 ] حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15974ابن أبي مريم عن
nindex.php?page=showalam&ids=16457ابن لهيعة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17346يزيد بن أبي حبيب عن
مخيس بن ظبيان عن
عبد الرحمن بن حسان قال : أخبرني رجل من
جذام قال سمع فلان
ابن عتاهية يقول : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350296إذا لقيتم عاشرا فاقتلوه " يعني بذلك الصدقة يأخذها على غير حقها .
حدثنا
حجاج عن
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج قال : أخبرني
nindex.php?page=showalam&ids=16705عمرو بن دينار قال أخبرني
مسلم بن سكرة أنه سأل
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : أعلمت أن
عمر أخذ من المسلمين العشر ؟ قال : لا أعلمه .
[ ص: 335 ] حدثنا
عبد الرحمن عن
سفيان عن إبراهيم بن مهاجر قال : سمعت
زياد بن حدير يقول : أنا أول عاشر عشر في الإسلام ، قلت : من كنتم تعشرون ؟ قال : ما كنا نعشر مسلما ولا معاهدا ، كنا نعشر نصارى
بني تغلب .
حدثنا
عبد الرحمن عن
سفيان عن
عبد الله بن خالد العبسي عن
عبد الرحمن بن معقل قال : سألت
زياد بن حدير من كنتم تعشرون ؟ قال : ما كنا نعشر مسلما ولا معاهدا ، قلت : فمن كنتم تعشرون ؟ قال : تجار الحرب ، كما كانوا يعشروننا إذا أتيناهم .
حدثنا
أبو معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
شقيق عن
مسروق أنه قال : والله ما
[ ص: 336 ] علمت عملا أخوف عندي أن يدخلني الله النار من عملكم هذا ، وما تراني أن أكون ظلمت فيه مسلما أو معاهدا دينارا ولا درهما ، ولكني لا أدري ما هذا الحبل الذي لم يسنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا
أبو بكر ولا
عمر قالوا : فما حملك على أن دخلت فيه ؟ قال : لم يدعني
زياد ولا
شريح ولا السلطان حتى دخلت فيه .
قلت : هو سلسلة كان يعترض بها على النهر تمنع السفن من المضي حتى تؤخذ منهم الصدقة وكان مكانها يسمى السلسلة ، وأقام بها مسروق زمانا يقصر الصلاة ، كان عاملا
لزياد وكان
أبو وائل معه فما رأيت أميرا قط كان أعف منه ، ما كان يصيب شيئا إلا ما دخله .
وقيل
nindex.php?page=showalam&ids=14577للشعبي : كيف خرج
مسروق من عمله ؟ قال : ألم تروا إلى الثوب يبعث به إلى القصار فيجيد غسله ؟ فكذلك خرج من عمله .
قال
أبو عبيد : وكان المكس له أصل في الجاهلية يفعله ملوك العرب والعجم جميعا ، فكانت سنتهم أن يأخذوا من التجار عشر أموالهم إذا مروا بها عليهم ، يبين ذلك ما في كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - لمن
[ ص: 337 ] كتب من أهل الأمصار مثل
ثقيف والبحرين ودومة الجندل وغيرهم ممن أسلم "
أنهم لا يحشرون ولا يعشرون " ، فعلمنا بهذا أنه كان من سنة الجاهلية مع أحاديث فيه كثيرة فأبطل الله تعالى ذلك برسوله وبالإسلام ، وجاءت فريضة الزكاة بربع العشر من كل مائتي درهم خمسة ، فمن أخذها منهم على وجهها فليس بعاشر لأنه لم يأخذ العشر إنما أخذ ربعه .
وهو مفسر في الحديث الذي يحدثونه عن
nindex.php?page=showalam&ids=16571عطاء بن السائب عن
حرب بن عبيد الله الثقفي عن جده أبي أمه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350297ليس على المسلمين عشور ، إنما العشور على اليهود والنصارى " .
[ ص: 338 ] [ ص: 339 ] قلت : وفي " المسند " و " سنن
أبي داود " عن رجل من
بني تغلب قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=10350298ليس على المسلمين عشور ، إنما العشور على اليهود والنصارى " .
[ ص: 340 ] قال
أبو عبيد : فالعاشر الذي يأخذ الصدقة بغير حقها كما جاء في الحديث مرفوعا وقد تقدم .
وكذلك وجه حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر : "
لم يأخذ العشور " ، إنما أراد هذا ولم يرد الزكاة ، وكيف ينكر ذلك وقد كان
عمر وغيره من الخلفاء يأخذونه عند الأعطية ، وكان رأي
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر دفعها إليهم ؟
وكذلك حديث
زياد بن حدير : " ما كنا نعشر مسلما ولا معاهدا " إنما أراد : أنا كنا نأخذ من المسلمين ربع العشر ، ومن أهل الذمة نصف العشر .
قال : وكان مذهب
عمر فيما وضع من ذلك : أنه كان يأخذ من المسلمين الزكاة ، ومن أهل الحرب العشر تاما ; لأنهم كانوا يأخذون من تجار المسلمين مثله إذا قدموا بلادهم فكان سبيله في هذين الصنفين بينا واضحا .
قال : وكان الذي يشكل علي وجهه أخذه من أهل الذمة ، فجعلت أقول : ليسوا بمسلمين فتؤخذ منهم الصدقة ولا من أهل الحرب فيؤخذ منهم مثل ما أخذوا منا ، فلم أدر ما هو حتى تدبرت حديثا له فوجدته إنما صالح على ذلك صلحا سوى جزية الرءوس وخراج الأرضين .
حدثنا الأنصاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=12514سعيد بن أبي عروبة عن
قتادة عن
أبي مجلز قال : بعث
عمر عمارا nindex.php?page=showalam&ids=10وابن مسعود nindex.php?page=showalam&ids=5541وعثمان بن حنيف إلى
الكوفة ، ثم
[ ص: 341 ] ذكر حديثا فيه طول قال : فمسح
عثمان الأرض ، فوضع عليها الخراج ، وجعل في أموال أهل الذمة التي يختلفون بها من كل عشرين درهما درهم ، وجعل على رءوسهم - وعطل من ذلك النساء والصبيان - أربعة وعشرين ، وكتب بذلك إلى
عمر رضي الله عنه فأجازه .
قال
أبو عبيد : فأرى الأخذ من تجارهم في أصل الصلح ، فهو الآن حق المسلمين عليهم وكذلك كان
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس يقول : حدثنيه عنه
nindex.php?page=showalam&ids=17320يحيى بن بكير ، قال : إنما صولحوا على أن يقروا ببلادهم ، فإذا مروا بها للتجارة أخذ منها كلما مروا .
حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17104معاذ بن معاذ عن
ابن عون عن
nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين قال : بعث إلي
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك رضي الله عنه فأبطأت عليه ، ثم بعث إلي فأتيته فقال : إن كنت لأرى أني لو أمرتك أن تعض على حجر كذا وكذا ابتغاء مرضاتي لفعلت ، اخترت لك غير عملي فكرهته ، إني أكتب لك سنة
عمر رضي الله
[ ص: 342 ] عنه قلت : اكتب لي سنة
عمر فكتب : يؤخذ من المسلمين من كل أربعين درهما درهم ومن أهل الذمة من كل عشرين درهما درهم ، وممن لا ذمة له من كل عشرة دراهم درهم ، قلت : ومن لا ذمة له ؟ قال :
الروم ، كانوا يقدمون
الشام .
حدثنا
أبو معاوية عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش عن
إبراهيم بن مهاجر عن
زياد بن حدير قال : استعملني
عمر على العشر ، وأمرني أن آخذ من تجار أهل الحرب العشر ، ومن تجار أهل الذمة نصف العشر ، ومن تجار المسلمين ربع العشر .
وقال
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=256السائب بن يزيد قال : كنت عاملا على سوق
المدينة في زمن
عمر فكنا نأخذ من النبط العشر .
وقال
مالك عن
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15959سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال : كان عمر يأخذ من النبط من الزيت والحنطة نصف العشر ; لكي يكثر الحمل إلى المدينة ويأخذ من القطنية العشر .
ولهذا ذهب
مالك إليه اتباعا
لعمر ، وكتب
nindex.php?page=showalam&ids=16673عمر بن عبد العزيز إلى عامله
بمصر : من مر بك من أهل الذمة فخذ مما يديرون في التجارات من
[ ص: 343 ] أموالهم من كل عشرين دينارا دينارا ، وما نقص فبحساب ذلك حتى يبلغ عشرة دنانير ، فإن نقصت ثلث دينار فلا تأخذ منها شيئا ، واكتب لهم بما تأخذ كتابا إلى مثله من الحول .
وقال
عبد الله بن محمد بن زياد بن حدير : كنت مع جدي
زياد بن حدير على العشور ، فمر نصراني بفرس فقوموه عشرين ألفا ، فقال : إن شئت أعطيتنا العين وأخذت الفرس ، وإن شئت أعطيناك ثمانية عشر ألفا .
قال
أبو عبيد : وإنما فعل
عمر في العشر ما فعل لمصالحته إياهم
[ ص: 344 ] عليه ، ولم يكن ذلك بعهد النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن الذين صالحهم لم يكن شرط عليهم منه شيئا وكذلك دهر
أبي بكر ، وإنما فتحت بلاد العجم في زمن
عمر ، فلذلك كان الذي كان .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي : أول من وضع العشر في الإسلام
عمر رضي الله عنه .
قال
أبو عبيد : وكان ابن شهاب يتأول على عمر فيه شيئا غيره أحب إلينا منه .
حدثنا
إسحاق بن عيسى عن
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس رحمه الله تعالى قال : سألت
nindex.php?page=showalam&ids=13283ابن شهاب لم أخذ
عمر العشر من أهل الذمة ؟ فقال : كان يؤخذ منهم في الجاهلية فأقرهم
عمر على ذلك .
قال
أبو عبيد : والوجه الأول الذي ذكرناه من الصلح أشبه
بعمر وأولى به ، وبه كان يقول
nindex.php?page=showalam&ids=16867مالك بن أنس نفسه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد : حدثنا
سفيان عن
هشام عن
nindex.php?page=showalam&ids=12336أنس بن سيرين قال : بعثني
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس بن مالك على العشور ، فقلت : تبعثني إلى العشور من بين عمالك ؟ فقال : أما ترضى أن أجعلك على ما جعلني عليه
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب رضي الله عنه ؟ أمرني أن آخذ من المسلمين ربع العشر ، ومن أهل الذمة
[ ص: 345 ] نصف العشر .