118 -
وعن حمزة بن حبيب الزيات أنه رأى في المنام كأنه عرض على الله، فقال له: اقرأ القرآن كما علمتك، وذكر القصة بطولها.
ولا يصح حمل ذلك على أنهم رأوا بشارة ربهم لأن في الأخبار ما يسقط ذلك وهو قوله: لأكرمن مثوى
سليمان، وقوله: ما هذا الخوف، وقوله: اقرأ.
الثالث: جواز الإتيان عليه، وهذا غير ممتنع إطلاقه إذا لم يوصف بالانتقال، ومثل هذا قوله: (
ثم استوى على العرش ) يجوز إطلاق هذه الصفة عليه لا على وجه الانتقال والحدوث، وإن كان حرث "ثم" يقتضي ذلك في
[ ص: 130 ] اللغة، وكذلك قوله: "ينزل الله إلى السماء الدنيا" يجوز إطلاق ذلك من غير انتقال وشغل مكان.
فإن قيل قوله: "في أحسن صورة" معناه بأحسن صورة فتكون الفاء بمعنى الباء، ويكون معنى الإتيان فعله وإظهاره له، ومنه قوله تعالى: (
فأتى الله بنيانهم من القواعد ) معناه إظهار فعله، وكذلك قوله: (
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) معناه بظلل، قيل: هذا غلط لوجوه، أحدها: أن إظهار فعله وتدبير ملكه عام في كل الأزمان والأحوال، فلا فائدة بتخصيصه في تلك الليلة التي أسري به اهـ.
والثاني: إن جاز تأويله على إتيان الأفعال والملك جاز عمل قوله: "إنكم
[ ص: 131 ] ترون ربكم يوم القيامة" على رؤية أفعاله وملكه، وقد أجمعنا ومثبتو الصفات على خلاف ذلك.
الثالث: أنه
وصفه بالصورة ووضع الكف بين كتفيه وهذه الصفة لا تتصف بها الأفعال والملك، فأما قوله: (
فأتى الله بنيانهم من القواعد ) فالمراد به أفعاله لأن في الآية ما دل عليه، وهو خراب الديار بقوله: (
فخر عليهم السقف من فوقهم وأتاهم العذاب ) وأما قوله: (
هل ينظرون إلا أن يأتيهم الله في ظلل من الغمام ) المراد به الذات على أصولنا، لأن حمله على الأمر يسقط فائدة التخصيص بذلك اليوم، لأن أمره سابق لإيتانه، ولأنه إن جاز حمله على هذا جاز حمل قوله: "إنكم ترون ربكم يوم القيامة" على رؤية أمره وملكه.