45 - وقد أجاب قوم آخرون عن هذا السؤال بأجوبة أخر بأنه لو كانت الواو عاطفة والراسخون يعلمون تأويله لم يكن فيه متشابه وكان جميعه محكما، وقد
أخبر تعالى أن فيه محكما وفيه متشابها، والمتشابه ما احتاج إلى بيان.
ولأنه لو كانت الواو عطفا على اسم الله، لكان تقدير الكلام: الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به، ولا يجوز إضافة هذا القول إلى الله.
ولأنه لو كانت عاطفة على اسم الله لحصل قوله: (
يقولون آمنا به ) مبتدأ، ولا يصح الابتداء به لأنه غير مفيد لتعلقه بما قبله، وإذا كانت الواو للاستئناف حصل المبتدأ: (
والراسخون في العلم يقولون آمنا به ) فيكون كلاما مفيدا لأنه غير متعلق بما قبله.
ولأن الله تعالى مدح من وكل علم ذلك إلى عالمه بقوله: (
والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا ) ولو شركوه في علمه لكان من عندهم. ولأن الله تعالى مدح الذين يؤمنون بالغيب بقوله: (
الذين يؤمنون بالغيب )
[ ص: 66 ] ولو كانوا يشركونه سبحانه في علم جميع الأشياء، لم يكن هناك غيب يؤمنون به لأن ذلك معلوم عندهم وغير ممتنع صحة الإيمان بما لا نعلم حقيقته كإيمانه بالملائكة والكتب والرسل.
فإن قيل: فإذا لم نعلم تأويله لم يفد الخطاب فائدة، كما إذا خاطب العربي بالزنجية، قيل: فيه فائدة وهو اختبار العباد ليؤمن به المؤمن فيسعد، ويكفر به الكافر فيشقى; لأن سبيل المؤمن إذا قرأ من هذا شيئا أن يصدق ربه ولا يعترض فيه بسؤال وإنكار فيعظم ثوابه.