سجع على
قوله تعالى :
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين
أصحاب فهم ويقين ، أصحاب جد وتمكين ، أصحاب عز مكين ، أصحاب خوف ودين ، يتنزهون عن من يمين
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين .
أصحاب ملك لا يزول ، أصحاب فخر لا يحول ، أصحاب تقديم ووصول ، أصحاب شرف بالقبول ، أصحاب تمكن في مقام أمين
ما أصحاب اليمين .
أصحاب قرب وحضور ، أصحاب عز ونور ، أصحاب جنان وقصور ، فيها حسان من الحور ، أصحاب مكنة ليس فيها قصور ، أصحاب مثمن ثمين
وأصحاب اليمين ما أصحاب اليمين .
قوله تعالى : في سدر مخضود السدر : شجرة النبق . والمخضود الذي لا شوك فيه . والطلح : الموز . قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس والحسن وعطاء nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، فإن قيل : غير الطلح أحسن منه ؟ فالجواب : أن الصحابة رضي الله عنهم مروا
بوج وهو واد بالطائف فأعجبهم سدره فقالوا : يا ليت لنا مثل هذا ، فنزلت هذه الآية ووعدهم ما يعرفون ويميلون إليه .
والمنضود : قال
ابن قتيبة : هو الذي قد نضد بالحمل أو بالورق والحمل من أوله إلى آخره ، فليس له ساق بارزة .
سجع
عباد طاعوا المعبود ، وأوصلوا الركوع والسجود ، وسألوا من يتفضل ويجود ، فوفر نصيبهم من الرفد المرفود
في سدر مخضود .
وردوا إليه أكرم ورود ، وأمنوا في وصالهم عائق الصدود ، وأتعبوا الأعضاء في خدمته والجلود ، فمنحهم طيب العيش في جنات الخلود
في سدر مخضود .
تصافوا فاصطفوا في خدمته كالجنود ، واستلوا سيوف الجهاد من الغمود ، وقمعوا بالصدق العدو الكنود ، وأرغموا بسبقهم أنف الحسود ، فخصهم مولاهم بالفضل والسعود
في سدر مخضود .
طلبوا بالصدق الصادق الودود ، وسعوا إليه يسألون إنجاز الوعود ، وطمعوا في كرمه أن يتفضل ويعود ، وأسبلوا دموعهم من خشيته على الخدود ، فيا لنعيمهم وأطيب منه الخلود
في سدر مخضود .
[ ص: 209 ] شكروا من أخرجهم من العدم إلى الوجود ، وتفضل عليهم بكل خير وجود ، وعلموا أن الإخلاص هو المقصود ، فاستعدوا وأوعدوا لليوم المشهود
في سدر مخضود .
تمكنوا بالكتاب القديم ، وطلبوا من المنعم الكريم أن يعمهم بالفضل والتكريم ، فمن عليهم بالخير العميم ، فهم في الجنان في أحلى نعيم ، عند ملك كبير عظيم ، ليس بوالد ولا مولود
في سدر مخضود وطلح منضود .
أعد لهم أوفى الذخائر ، وهذب منهم البواطن والظواهر ، وجعلهم بين عباده كالنجوم الزواهر ، وبنى لهم الغرف باللؤلؤ والجواهر ، فهم في مجد كريم وسعد غير محدود
في سدر مخضود وطلح منضود .
استزارهم إلى جنته ، وخصهم بكرامته ، وأنعم عليهم برؤيته وجعلهم في حصن حصين من رعايته ، في ظل نعيم دائم ممدود
في سدر مخضود وطلح منضود .
طال ما حملوا تكليفه واستقلوا ، وسعوا إلى مراضيه فما ضلوا ، وتفيؤوا ظلال التوكل عليه واستظلوا ، ورضوا بقضائه صابرين فما ملوا ، وائتمنهم على الإيمان فما خانوا ولا غلوا ، وكفوا أكفهم في غير ثقة به وغلوا ، فعزوا بخدمته إذ لخدمته ذلوا ، فأثابهم نعيما ليس بمجدود ولا محدود
في سدر مخضود وطلح منضود .
مالوا إليه وتركوا المال ، وعلقوا بالطمع في فضله الآمال ، وأعرضوا عن الدنيا شغلا بالمآل ، وألفوا خدمته وهجروا الملال ، وراضوا أنفسهم بالفقر ورضوا بالإقلال ، وأنسوا بمناجاته ونسوا الآل ، فإذا تلقاهم مولاهم قال مرحبا بالوفود
في سدر مخضود وطلح منضود .
اللهم فاجعلنا من المتقين الأبرار ، وأسكنا معهم في دار القرار ، ولا تجعلنا من المخالفين الفجار ، وآتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ، يا من لم يزل ينعم ويجود . برحمتك يا أرحم الراحمين . والحمد لله وحده وصلى الله على
محمد وآله وصحبه .
[ ص: 210 ]