سجع
أيها الضال عن طريق الهدى ، أما تسمع صوت الحادي وقد حدا ، من لك إذا ظهر الجزاء وبدا ، وربما كان فيه أن تشقى أبدا
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
يا من تكتب لحظاته ، وتجمع لفظاته ، وتعلم عزماته ، وتحسب عليه حركاته إن راح أو غدا
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
ويحك إن الرقيب حاضر ، يرعى عليك اللسان والناظر ، وهو إلى جميع أفعالك ناظر ، إنما الدنيا مراحل إلى المقابر ، وسينقضي هذا المدى
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
ما لي أراك في الذنوب تعجل ، وإذا زجرت عنها لا تقبل ، ويحك انتبه لقبح ما تفعل ، لأن الأيام في الآجال تعمل مثل عمل المدى
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
سترحل عن دنياك فقيرا ، لا تملك مما جمعت نقيرا ، بلى قد صرت بالذنوب عقيرا بعد أن رداك التلف رداء الردى
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
كأنك بالموت قد قطع وبت ، وبدد الشمل المجتمع وأشت ، وأثر فيك الندم حينئذ وفت ، انتبه لنفسك فقد أشمت والله العدا
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
كأنك ببساط العمر قد انطوى ، وبعود الصحة قد ذوى ، وبسلك الإمهال قد قطع فهوى ، اسمع يا من قتله الهوى وما ودى
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
تالله ما تقال وما تعذر ، فإن كنت عاقلا فانتبه واحذر ، كم وعظك أخذ غيرك وكم أعذر ، ومن أنذر قبل مجيئه فما اعتدى
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
فبادر نفسك واحذر قبل الفوت ، وأصخ للزواجر فقد رفعت الصوت ، وتنبه فطال ما
[ ص: 239 ] قد سهوت ، واعلم قطعا ويقينا أن الموت لا يقبل الفدا
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
انهض إلى التقوى بقريحة ، وابك الذنوب بعين قريحة ، وأزعج للجد أعضاءك المستريحة ، تالله لئن لم تقبل هذه النصيحة لتندمن غدا
أيحسب الإنسان أن يترك سدى .
[ ص: 240 ]