صفحة جزء
الكلام على قوله تعالى :

قد أفلح المؤمنون

أخبرنا ابن الحصين ، أنبأنا ابن المذهب ، أنبأنا أحمد بن جعفر ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني أبي ، حدثنا عبد الرزاق ، أخبرني يونس بن سليم ، قال أملى علي يونس بن يزيد الأبلي عن ابن شهاب ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عبد القادر ، قال : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أنزلت علي عشر آيات من أقامهن دخل الجنة ، ثم قرأ علينا قد أفلح المؤمنون حتى ختم العشر .

أخبرنا أحمد بن عبد الباقي ، أنبأنا أحمد بن أحمد ، أنبأنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ، أخبرنا محمد بن علي بن مسلم ، حدثنا عثمان بن عمر الضبي ، أخبرنا أبو عمر الضرير ، أخبرنا عدي بن الفضل ، عن سعيد الجريري ، عن أبي نضرة ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : إن الله تعالى بنى جنات عدن بيده وبناها لبنة من ذهب ولبنة من فضة ، وجعل ملاطها المسك وترابها الزعفران وحصاها اللؤلؤ ثم قال : تكلمي ، فقالت : قد أفلح المؤمنون .

[ ص: 307 ] وقال ابن قتيبة : أصل الفلاح : البقاء فالمفلحون الفائزون ببقاء الأبد ، وقرأ أبي بن كعب وعكرمة بضم الألف والمعنى أصيروا إلى الفلاح .

لقد ربح القوم وأنت نائم ، وخبت ورجعوا بالغنائم ، أنت بالليل راقد وبالنهار هائم ، وغاية ما تشتهي مشاركة البهائم ، نظروا في عواقب الأمور فقبروا أنفسهم قبل القبور ، وخرجوا من ظلام الشبهة إلى أجلى نور ، فما استفزهم فان ولا أذلهم غرور ، عرضوا على النفوس ذكر العرض فاعترضها القلق ، وصوروا إحراق الصور فأحرقهم الفرق ، وتفكروا في نشر الصحائف فأزعجهم الأرق ، وتذكروا محمدة المخاوف فسالت الحدق ، أطار خوف النار نومهم ، وأطال ذكر العطش الأكبر صومهم ، وهون فكرهم في العتاب نصبهم ، ونصبهم على الأقدام ذكر القيام وأنصبهم ، أما الأجساد فالخوف قد أنحلها ، وأما العقول فالحذر قد أذهلها ، وأما القلوب فالفكر قد شغلها ، وأما الدموع فالإشفاق قد أرسلها ، وأما الأكف فقد كفت عما ليس لها ، وأما الأعمال فقد والله قبلها ، حوانيتهم الخلوات وبضائعهم الصلوات ، وأرباحهم الجنات ، وأزواجهم الحسنات .

التالي السابق


الخدمات العلمية