سجع على قوله تعالى :
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم
يا عجبا للمشغولين بأوطارهم عن ذكر أخطارهم ، لو تفكروا في حال صفائهم في أكدارهم ، لما سلكوا طريق اغترارهم ، أما يكفي في وعظهم وازدجارهم :
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .
الدنيا دار الآفات والفتن ، كم غرت غرا وما فطن ، أرته ظاهرها والظاهر حسن ، فلما فتح عين الفكر من الوسن قال رب ارجعون ولن ، ويح المقتولين بسيف اغترارهم ، والشرع ينهاهم عن أوزارهم
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .
أين أرباب الهوى والشهوات ، ذهبت والله اللذات دون التبعات ، وندموا إذ قدموا على
[ ص: 138 ] ما فات وتمنوا بعد يبس العود العود وهيهات ، فتلمح في الآثار سوء أذكارهم
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .
نازلهم الموت على الذنوب ، فأسروا في قيود الجهل والعيوب ، فرحلت لذات خلت عن الأفواه والقلوب ، وحزنوا على الفائت ولا حزن يعقوب ، حين خرجوا من ديارهم في ثياب إدبارهم وعصي التوبيخ في أدبارهم
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .
قل للناظرين إلى المشتهى في ديارهم ، هذا أنموذج من دار قرارهم ، فإن استعجل أطفال الهوى فدارهم ، وعدهم قرب الرحيل إلى دارهم
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .
احذروا نظرة تفسد القلوب ، وتجني عليكم الذم والعيوب ، تسخط مولاكم عالم الغيوب ، لقد وصف الطبيب حمية للمطبوب ، فلو استعملوا الحمية لم تتعرض الحمى بأبشارهم
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .
وفقنا الله وإياكم للهدى ، وعصمنا من أسباب الجهل والردى ، وسلمنا من شر النفوس فإنها شر العدى ، وجعلنا من المنتفعين بوعظ أخيارهم
قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم .
وصلى الله على سيدنا
محمد وآله وصحبه .