الكلام على البسملة
منافسة الهوى فيما يزول هلى نقصان همته دليل ومختار القليل أقل منه
وكل فوائد الدنيا قليل
يا قليل الصبر عن اللهو والعبث ، يا من كلما عاهد غدر ونكث ، يا مغترا بساحر الهوى كلما نفث ، تالله لقد بولغ في توبيخه وما اكترث ، وبعث إليه النذير ولا يدري من العبث من بعث ، سيندم من للقبيح حرث ، سيبكي زمان الهوى حين الظمأ عند اللهث ، سيعرف خبره العاصي إذا حل الحدث ، سيرى سيره إذا ناقش المسائل وبحث ، سيقرع سن الندم إذا نادى ولم يعث ، وعجبا لجاهل باع تعذيب النفوس براحات الجثث .
كان
الشبلي يقول :
لا تغترر بدار لا بد من الرحيل عنها ، ولا تخرب دارا لا بد من الخلود فيها .
أخبرنا
أحمد بن أحمد الهاشمي ، أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=14231أبو بكر الخطيب ، أنبأنا
الحسن بن أحمد الدورقي ، حدثنا
جعفر بن محمد بن أحمد المؤدب ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15062محمد بن يونس ، حدثنا
شداد بن علي الهرابي ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16500عبد الواحد بن زيد ، قال :
مررت براهب فناديته : يا راهب من تعبد ؟ قال : الذي خلقني وخلقك ، قلت عظيم هو ؟ قال : قد جاوزت عظمته كل شيء ، قلت : فمتى
[ ص: 166 ] يذوق العبد حلاوة الأنس بالله ؟ قال : إذا صفا الود وخلصت المعاملة ، قلت : فمتى يصفو الود ؟ قال : إذا اجتمع الهم في الطاعة ، قلت : فمتى تخلص المعاملة ؟ قال : إذا كان الهم هما واحدا ، قلت : فكيف تخليت بالوحدة ؟ قال : لو ذقت حلاوة الوحدة لاستوحشت إليها من نفسك ، قلت : فما أكثر ما يجد العبد من الوحدة ، قال : الراحة من مداركة الناس والسلامة من شرهم ، قلت : بماذا يستعان على قلة المطعم ؟ قال : بالتحري في المكسب ، قلت : زدني خلالا ، قال : كل حلالا وارقد حيث شئت ، قلت : فأين طريق الراحة ؟ قال : خلاف الهوى ، قلت : لم تعلقت في هذه الصومعة ؟ قال : من مشى على الأرض عثر ، فتحصنت بمن في السماء من فتنة أهل الأرض لأنهم سراق العقول ، وذلك أن القلب إذا صفا ضاقت عليه الأرض فأحب قرب السماء ، قلت : يا راهب من أين تأكل ؟ قال : من زرع لم أبذره ، قلت : من يأتيك به ؟ قال : الذي نصب الرحا يأتيها بالطحين ، قلت : كيف ترى حالك ؟ قال : كيف يكون حال من أراد سفرا بلا أهبة ، ويسكن قبرا بلا مؤنس ، ويقف بين يدي حكم عدل ، ثم أرسل عينه وبكى ، قلت : ما يبكيك ؟ قال : ذكرت أياما مضت من أجلي لم أحقق فيها عملي ، وفكرت في قلة الزاد وفي عقبة هبوط إلى الجنة أو إلى النار ، قلت : يا راهب : بم يستجلب الحزن ؟ قال : بطول الغربة ، وليس الغريب من مشى من بلد إلى بلد ، ولكن الغريب صالح بين فساق .
ثم قال : إن سرعة الاستغفار توبة الكذابين ، لو علم اللسان مما يستغفر لجف في الحنك ، إن الدنيا منذ ساكنها الموت ما قرت بها عين ، كلما تزوجت الدنيا زوجا طلقه الموت ، فمثلها كمثل الحية لين مسها والسم في جوفها .
ثم قال : عند تصحيح الضمائر يغفر الله الكبائر ، وإذا عزم العبد على ترك الآثام أتته من السماء الفتوح ، والدعاء المستجاب الذي تحركه الأحزان .
قلت : فأكون معك يا راهب ؟ قال : ما أصنع بك ، ومعي معطي الأرزاق وقابض الأرواح ، يسوق إلي الرزق في كل وقت ، لم يكلفني جمعه ولم يقدر على ذلك أحد غيره .
اسمع يا خائن الذمم يا مضيع الحرم ، يا من على التوبة عزم زعم ، غير أنه كلما بنى أن يلوذ بنا هدم ، يسعى إلى الهدى فإذا رأى جيفة الهوى جثم ، ويحك إطلاق البصر في سور الحذر ثلم عجبا لأمنك وأنت بين فكي جلم ، كأنك بك تتمنى العدم ، وتبكي على تفريطك بندم ، إلى كم هذا التواني كم كم وكم ، وإياك والدنيا فما تشفي من قرم لمن تحدث لقد نفخنا من غير ضرم .
[ ص: 167 ] كم أسير لشهوة وقتيل أف لمشتر خلاف الجميل
شهوات الإنسان تورثه الذل وتلقيه في البلاء الطويل
يا حائرا لم يؤثر إلا خلافا ، يا واعدا بالتوبة ولم نر إلا إخلافا ، متى ستعمل عدلا وتورث إنصافا ، أتصافي الهوى من اليوم إن صافى ، أما ترى الناس بهذه الدار أضيافا ، أتوقن بالحساب وترمي الفعل جزافا أتنسى الموت وكم قد أقام سيافا ، أما بقي القليل ثم تلحق أسلافا ، متى تعاملنا باليسير فنضاعفه أضعافا .
إذا كثرت منك الذنوب فداوها برفع يد في الليل والليل مظلم
ولا تقنطن من رحمة الله إنما قنوطك منها من خطاياك أعظم
فرحمته للمحسنين كرامة ورحمته للمسرفين تكرم
قال
بنان : دخلت على
ابن العرجي وهو في بيت مملوء كتبا ، فقلت له اختصر لي من هذه الكتب كلمتين أنتفع بهما ، قال : ليكن همك مجموعا فيما يرضي الله عز وجل فإن اعترض عليك شيء فتب من وقتك .