سجع :
كانوا في الدنيا على المجاهدة يصرون ، وفي دياجي الليل يسهرون ، ويصومون وهم على الطعام يقدرون ، ويسارعون إلى ما يرضي مولاهم ويبادرون ، فشكر من راح منهم وغدا فهم غدا
على الأرائك ينظرون .
كانوا يحملون أعباء الجهد والعنا ، ويفرحون بالليل إذا أقبل ودنا ، ويرفضون الدنيا لعلمهم أنها تصير إلى الفنا ، ويخلصون الأعمال من شوائب الآفات لنا ، ويحاربون الشيطان بسلاح من التقى أقطع من السيف وأصلب من القنا ، فغدا يتكئون على الأرائك وقطوفهم دانية المجتنى ، وأعظم من هذا النعيم أن أتجلى لهم أنا ، كفى فخرا أنهم عندي غدا يحضرون
على الأرائك ينظرون .
كانت جنوبهم تتجافى عن مضاجعها ، ولا تسكن لأجلي إلى مواضعها ، وتطلب مني نفوسهم جزيل منافعها ، وتستجيرني من موانعها وتستعيذ بجلالي من قواطعها ، وتصول بعزتي على مخادعها ، فقد أبدلتهم بتعب تلك المجاهدة لذة السكون ، فهم
على الأرائك ينظرون .
يا حسنهم والولدان بهم يحفون ، والملائكة لهم يزفون ، والخدام بين أيديهم يقفون ، وقد أمنوا ما كانوا يخافون ، وبالحور العين الحسان في خيام اللؤلؤ يتنعمون ، وعلى أسرة
[ ص: 194 ] الذهب والفضة يتزاورون ، والوجوه النضرة يتقابلون ، ويقولون بفضلي عليهم ونعمتي للشيء كن فيكون
على الأرائك ينظرون .