صفحة جزء
قوله : ( ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر ، فقد كفر . من أبصر هذا اعتبر . وعن مثل قول الكفار انزجر . وعلم أن الله بصفاته ليس كالبشر ) .

ش : لما ذكر فيما تقدم أن القرآن كلام الله حقيقة ، منه بدا ، نبه بعد ذلك على أنه تعالى بصفاته ليس كالبشر ، نفيا للتشبيه عقيب الإثبات ، يعني أن الله تعالى وإن وصف بأنه متكلم ، لكن لا يوصف بمعنى من [ ص: 207 ] معاني البشر التي يكون الإنسان بها متكلما ، فإن الله ليس كمثله شيء وهو السميع البصير . وما أحسن المثل المضروب للمثبت للصفات من غير تشبيه ولا تعطيل ، باللبن الخالص السائغ للشاربين ، يخرج من بين فرث التعطيل ودم التشبيه . والمعطل يعبد عدما ، والمشبه يعبد صنما . وسيأتي في كلام الشيخ ، ( ( ومن لم يتوق النفي والتشبيه ، زل ولم يصب التنزيه ) ) . وكذا قوله : ( ( وهو بين التشبيه والتعطيل ) ) أي : دين الإسلام ، ولا شك أن التعطيل شر من التشبيه ، بما سأذكره إن شاء الله تعالى . وليس ما وصف الله به نفسه ولا ما وصفه به رسوله تشبيها ، بل صفات الخالق كما يليق به ، وصفات المخلوق كما يليق به .

وقوله : ( ( فمن أبصر هذا اعتبر ) ) . أي : من نظر بعين بصيرته فيما قاله من إثبات الوصف ونفي التشبيه ووعيد المشبه اعتبر وانزجر عن مثل قول الكفار .

التالي السابق


الخدمات العلمية