وكلام مثله في ذلك حجة بالغة ، والسلف لم يكرهوه لمجرد كونه اصطلاحا جديدا على معان صحيحة ، كالاصطلاح على ألفاظ لعلوم صحيحة ، ولا كرهوا أيضا الدلالة على الحق والمحاجة لأهل الباطل ، بل كرهوه لاشتماله على أمور كاذبة مخالفة للحق . ومن ذلك : مخالفتها للكتاب والسنة وما فيه من علوم صحيحة ، فقد وعروا الطريق إلى تحصيلها ، وأطالوا الكلام في إثباتها مع قلة نفعها ، فهي لحم جمل غث على رأس جبل وعر ، لا سهل فيرتقى ، ولا سمين فينتقل .
[ ص: 239 ] وأحسن ما عندهم فهو في القرآن أصح تقريرا ، وأحسن تفسيرا ، فليس عندهم إلا التكلف والتطويل والتعقيد . كما قيل :
لولا التنافس في الدنيا لما وضعت كتب التناظر لا المغني ولا العمد يحللون بزعم منهم عقدا
وبالذي وضعوه زادت العقد
فهم يزعمون أنهم يدفعون بالذي وضعوه الشبه والشكوك ، والفاضل الذكي الذي يعلم أن الشبه والشكوك زادت بذلك .