قوله : ( ومن لم يتوق النفي والتشبيه ، زل ولم يصب التنزيه ) .
ش :
النفي والتشبيه مرضان من أمراض القلوب ، فإن
أمراض القلوب نوعان : مرض شبهة ، ومرض شهوة ، وكلاهما مذكور في القرآن ، قال تعالى :
فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض ( الأحزاب : 32 ) . فهذا مرض الشهوة ، وقال تعالى :
في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ( البقرة : 10 ) . وقال تعالى :
وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم ( التوبة : 125 ) . فهذا مرض الشبهة ، وهو أردأ من مرض الشهوة ، إذ
مرض الشهوة يرجى له الشفاء بقضاء الشهوة ،
ومرض الشبهة لا شفاء له إن لم يتداركه الله برحمته .
[ ص: 259 ] والشبهة التي في مسألة الصفات نفيها وتشبيهها ، وشبهة النفي أردأ من شبهة التشبيه ، فإن شبهة النفي رد وتكذيب لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، وشبهة التشبيه غلو ومجاوزة للحد فيما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم . وتشبيه الله بخلقه كفر فإن الله تعالى يقول :
ليس كمثله شيء ( الشورى : 11 ) ، ونفي الصفات كفر ، فإن الله تعالى يقول :
وهو السميع البصير ( الشورى : 11 ) . وهذا أحد نوعي التشبيه ، فإن
التشبيه نوعان : تشبيه الخالق بالمخلوق ، وهذا الذي يتعب أهل الكلام في رده وإبطاله ، وأهله في الناس أقل من النوع الثاني ، الذين هم أهل تشبيه المخلوق بالخالق ، كعباد
المسيح ،
وعزير ، والشمس والقمر ، والأصنام ، والملائكة ، والنار ، والماء ، والعجل ، والقبور ، والجن ، وغير ذلك . وهؤلاء هم الذين أرسلت لهم الرسل يدعونهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له .