ولكن يستعمل في ذلك
قياس الأولى ، سواء كان تمثيلا أو شمولا ، كما قال تعالى :
ولله المثل الأعلى ( النحل : 60 ) . مثل أن يعلم أن كل كمال للممكن أو للمحدث ، لا نقص فيه بوجه من
[ ص: 88 ] الوجوه ، وهو ما كان كمالا للوجود غير مستلزم للعدم بوجه : فالواجب القديم أولى به . وكل كمال لا نقص فيه بوجه من الوجوه ، ثبت نوعه للمخلوق والمربوب المدبر - : فإنما استفاده من خالقه وربه ومدبره ، وهو أحق به منه . وأن كل نقص وعيب في نفسه ، وهو ما تضمن سلب هذا الكمال ، إذا وجب نفيه عن شيء من أنواع المخلوقات والممكنات والمحدثات : فإنه يجب نفيه عن الرب تعالى بطريق الأولى .
ومن أعجب العجب : أن من غلاة نفاة الصفات الذين يستدلون بهذه الآية الكريمة على نفي الصفات والأسماء ، ويقولون : واجب الوجود لا يكون كذا ولا يكون كذا - ثم يقولون : أصل الفلسفة هي التشبه بالإله على قدر الطاقة ، ويجعلون هذا غاية الحكمة ونهاية الكمال الإنساني ، ويوافقهم على ذلك بعض من يطلق هذه العبارة . ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :
تخلقوا بأخلاق الله ، فإذا كانوا ينفون الصفات ، فبأي شيء يتخلق العبد على زعمهم ؟ ! وكما أنه لا يشبه شيئا من مخلوقاته تعالى ، لا يشبهه شيء من مخلوقاته ، لكن المخالف في هذا
النصارى والحلولية والاتحادية لعنهم الله تعالى . ونفي مشابهة شيء من مخلوقاته له ، مستلزم لنفي مشابهته لشيء من مخلوقاته . فلذلك اكتفى الشيخ رحمه الله بقوله : ولا يشبه الأنام ،
[ ص: 89 ] والأنام : الناس ، وقيل ، كل ذي روح ، وقيل : الثقلان . وظاهر قوله تعالى :
والأرض وضعها للأنام ( الرحمن : 10 ) . يشهد للأول أكثر من الباقي . والله أعلم .