لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
تتمة : في ذكر بعض ما ورد في هذا الفصل من الأخبار عن النبي المختار - صلى الله عليه وسلم ما تعاقب الليل والنهار . روى ابن حبان في صحيحه ، والحاكم وصححه من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " لا تستبطئوا الرزق ، فإنه لم يكن عبد ليموت حتى يبلغ آخر رزق هو له ، فأجملوا في الطلب ، أخذ الحلال وترك الحرام " وعنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " يا أيها الناس اتقوا الله وأجملوا في الطلب ، فإن نفسا لن تموت حتى تستوفي رزقها ، وإن أبطأ عنها ، فاتقوا الله وأجملوا في الطلب ، خذوا ما حل ودعوا ما حرم " رواه ابن ماجه [ ص: 351 ] ، واللفظ له ، والحاكم ، وقال : على شرط مسلم . وأخرج الحاكم من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : ليس من عمل يقرب من الجنة إلا وقد أمرتكم به ، ولا عمل يقرب من النار إلا وقد نهيتكم عنه ، فلا يستبطئن أحد منكم رزقه ، فإن جبريل ألقى في روعي أن أحدا منكم لن يخرج من الدنيا حتى يستكمل رزقه ، فاتقوا الله أيها الناس وأجملوا في الطلب ، فإن استبطأ أحد منكم رزقه ، فلا يطلبه بمعصية الله - تعالى ، فإن الله لا ينال فضله بمعصيته " .

وفي حديث حذيفة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : " هذا رسول رب العالمين جبريل - عليه السلام - نفث في روعي أنه لا تموت نفس حتى تستكمل رزقها " . رواه البزار . وفي حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - قال : حدثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق : " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما نطفة ، ثم يكون علقة مثل ذلك ، ثم يكون مضغة مثل ذلك ، ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ، ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد " الحديث رواه البخاري ومسلم وغيرهما .

وقد روي عن محمد بن يزيد الإسفاطي ، قال : رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يرى النائم ، فقلت : يا رسول الله ، حديث ابن مسعود الذي حدث عنك ، فقال : حدثني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو الصادق المصدوق ؟ فقال - صلى الله عليه وسلم - : " والذي لا إله إلا هو حدثته به أنا " يقولها ثلاثا ، ثم قال : غفر الله للأعمش كما حدث به ، وغفر الله لمن حدث به قبل الأعمش ، ولمن حدث به بعده .

وفي الصحيحين من حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " وكل الله بالرحم ملكا يقول : أي رب نطفة ، أي رب علقة ، أي رب مضغة ، فإذا أراد الله أن يقضي خلقا ، قال : يا رب أذكر أم أنثى ؟ أشقي أم سعيد ؟ فما الرزق ؟ فما الأجل ؟ فيكتب كذلك في بطن أمه " . وفي مسلم من حديث حذيفة بن أسيد - رضي الله عنه - يبلغ به عن النبي - صلى الله عليه وسلم - : ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه ، ثم تطوى الصحف فلا يزاد فيها ولا ينقص . وقد روي أنه يكتب على جبهته ، أو بطن كفه ، أو ورقة تعلق في عنقه . وفي رواية : بين عينيه . قال الحافظ ابن رجب في شرح الأربعين النووية : وبكل حال فهذه الكتابة التي [ ص: 352 ] تكتب للجنين في بطن أمه غير كتابة المقادير السابقة لخلق الخلائق المذكورة في قوله - تعالى - : ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها كما في صحيح مسلم عن عبد الله بن عمرو - رضي الله عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " إن الله - تعالى - قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة " كما تقدم . قال علماء الحديث : فيكتب رزقه ، قليلا كان أو كثيرا ، وصفته حلالا كان أو حراما أو مكروها ، ويكتب أجله طويلا أو قصيرا . وبالله التوفيق .

التالي السابق


الخدمات العلمية