( الفائدة الثانية في
سيرته )
قال أهل العلم : يعمل بسنة النبي صلى الله عليه وسلم لا يوقظ نائما ، ويقاتل على السنة لا يترك سنة إلا أقامها ولا بدعة إلا رفعها ، يقوم بالدين آخر الزمان كما قام به النبي صلى الله عليه وسلم أوله ، يملك الدنيا كلها كما ملك
ذو القرنين وسليمان بن داود عليهما السلام ، يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويرد إلى المسلمين ألفتهم ونعمتهم ، يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ، يحثو المال حثوا ولا يعده عدا ، يقسم المال صحاحا بالسوية ، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض والطير في الجو
[ ص: 76 ] والوحش في القفر والحيتان في البحر ، يملأ قلوب أمة
محمد صلى الله عليه وسلم غنى حتى إنه يأمر مناديا ينادي : ألا من له حاجة في المال ؟ فلا يأتيه إلا رجل واحد فيقول أنا فيقول ائت السادن - أي الخازن - فقل له
المهدي يأمرك أن تعطيني مالا فيقول له احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول كنت أجشع - أي أحرص - أمة
محمد صلى الله عليه وسلم أعجز عني ما وسعهم ؟ قال فيرده فلا يقبل منه فقال له إنا لا نأخذ شيئا أعطيناه الأمة .
تنعم أمة
محمد برها وفاجرها في زمانه نعمة لم يسمعوا بمثلها قط وترسل السماء عليهم مدرارا لا تدخر شيئا من قطرها ، وتؤتي الأرض أكلها لا تدخر عنهم شيئا من بذرها ، تجري على يديه الملاحم ، يستخرج الكنوز ويفتح المدائن ما بين الخافقين ، يؤتى إليه بملوك
الهند مغللين وتجعل خزائنهم
لبيت المقدس حليا ، يأوي إليه الناس كما يأوي النحل إلى يعسوبه حتى يكون الناس على مثل أمرهم الأول ، يمده الله بثلاثة آلاف من الملائكة يضربون وجوه مخالفيه وأدبارهم
جبريل على مقدمته
وميكائيل على ساقته ، ترعى الشاة والذئب في زمانه في مكان واحد ، وتلعب الصبيان بالحيات والعقارب لا تضرهم شيئا ، ويزرع الإنسان مدا فيخرج له سبعمائة مد ، ويرفع الربا والزنا وشرب الخمر ، وتطول الأعمار وتؤدى الأمانة وتهلك الأشرار ولا يبقى من يبغض
آل محمد صلى الله عليه وسلم .
محبوب - يعني
المهدي - في الخلائق يطفئ الله به الفتنة العمياء وتأمن الأرض حتى إن المرأة تحج في خمس نسوة ما معهن رجل ولا يخفن شيئا إلا الله ، مكتوب في شعائر الأنبياء ما في حكمه ظلم ولا عيب .