لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الخامس )

في ذكر قصة تميم الداري وحديثه الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح رواه أبو هريرة أخرجه الإمام أحمد وأبو داود [ ص: 110 ] وابن ماجه وأبو يعلى وعائشة رضي الله عنها وهو في حديث فاطمة بنت قيس وروي أيضا من حديث جابر أخرجه أبو داود بسند صحيح .

وأما حديث فاطمة الذي هو عمدة الباب وأشهر ما اشتهر من هذا الحديث فأخرجه مسلم في صحيحه وأبو داود بمعناه والترمذي وابن ماجه ، قال الترمذي حديث حسن صحيح ولفظ رواية مسلم " قالت فاطمة رضي الله عنها سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي : الصلاة جامعة : فخرجت إلى المسجد فصليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال " ليلزم كل إنسان مصلاه . ثم قال : أتدرون لما جمعتكم ؟ " قالوا الله ورسوله أعلم قال " إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا فجاء وبايع وأسلم وأنه حدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم عن المسيح الدجال ، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام فلعب بهم الموج شهرا في البحر ثم أرفئوا ( أي بفتح الهمزة وسكون الراء فهمزة مضمومة أي لجئوا ) إلى جزيرة في البحر حين مغرب الشمس فجلسوا في أقرب السفينة ( وهي بضم الراء جمع قارب بفتح الراء وكسرها سفينة صغيرة مع الكبيرة معدة لقضاء الحوائج ) قال : فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب ( أي كثير الشعر غليظه وعند أبي داود : فإذا أنا بامرأة تجر شعرها - وفي رواية مسلم - دابة أهلب ) كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقالوا ويلك ما أنت ؟ قالت أنا الجساسة ، قالوا وما الجساسة ( وهي بفتح الجيم وتشديد السين المهملة الأولى سميت بذلك لأنها تجس الأخبار وقد روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن هذه دابة الأرض التي تخرج آخر الزمان فتكلم الناس كما يأتي ) قالت أيها القوم انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق ، قال فلما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة ، قال فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير فإذا فيه أعظم إنسان رأيناه قط خلقا وأشده وثاقا مجموعة يده إلى عنقه ما بين ركبته إلى كعبه بالحديد ، قلنا : ويلك ما أنت قال قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم ؟ قالوا نحن أناس من العرب [ ص: 111 ] ركبنا في سفينة بحرية فصادفنا البحر حين اغتلم ( أي هاج واضطربت أمواجه ) فلعب بنا الموج شهرا ثم أرفينا إلى جزيرتك هذه فجلسنا في أقربها فدخلنا الجزيرة فلقينا دابة أهلب كثيرة الشعر لا ندري ما قبله من دبره من كثرة الشعر فقلنا ويلك ما أنت فقالت أنا الجساسة قلنا وما الجساسة قالت اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق فأقبلنا إليك سراعا وفزعنا منها ولم نأمن أن تكون شيطانة . قال أخبروني عن نخل بيسان ( وهي بفتح الباء الموحدة قرية بالشام جنوبي طبرية وأيضا ناحية باليمامة ولعلها المرادة في الحديث بدليل ذكر النخيل ) هل يثمر ؟ قلنا نعم ، قال أما إنها يوشك أن لا تثمر ، ولفظ مسلم أخبروني عن نخيل بيسان قلنا عن أي شأنها تستخبر قال أسألكم عن نخلها هل يثمر ؟ قلنا نعم قال أما إنها يوشك أن لا تثمر . قال أخبروني عن بحيرة طبرية قلنا عن أي شأنها تستخبر ؟ قال هل فيها ماء ؟ قالوا هي كثيرة الماء قال إن ماءها يوشك أن يذهب . قال أخبروني عن عين زغر ( أي بضم الزاء وفتح الغين المعجمة على وزن صرد بليدة من الجانب القبلي من الشام بينها وبين بيت المقدس ثلاثة فراسخ على طريق البحيرة وزغر اسم ابنة لوط عليه السلام قال في القاموس وزغر قرية بالشام سميت بذلك لأن ابنة لوط نزلت بها قال وبها عين غور مائها علامة خروج الدجال ) قالوا عن أي شأنها تستخبر ؟ قال هل في العين ماء وهل يزرع أهلها بماء العين ؟ قلنا نعم هي كثيرة الماء وأهلها يزرعون من مائها . قال أخبروني عن نبي الأميين ما فعل ؟ قال قد خرج من مكة ونزل يثرب ، قال أقاتله العرب ؟ قلنا له : نعم ، قال كيف صنع بهم ؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه ، قال أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه ، وإني مخبركم عني إني أنا المسيح وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة هما محرمتان علي كلتاهما كلما أردت أن أدخل واحدة - أو واحدا - منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها وإن على كل نقب منها ملائكة يحرسونها . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وطعن بمخصرته في المنبر هذه هي طيبة هذه طيبة هذه طيبة ( يعني المدينة ) . [ ص: 112 ] ألا هل كنت حدثتكم ؟ فقال الناس نعم ، قال فإنه أعجبني حديث تميم أنه وافق الذي كنت أحدثكم عنه وعن المدينة ومكة ، إلا أنه في بحر الشام أو بحر اليمن ، لا بل من قبل المشرق ما هو ، من قبل المشرق ما هو ، من قبل المشرق ما هو ، من قبل المشرق ما هو " وأومى بيده إلى المشرق قالت فاطمة بنت قيس رضي الله عنها فحفظت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجه مسلم من عدة أوجه وأخرجه غيره أيضا .

قال القاضي عياض في قوله صلى الله عليه وسلم من قبل المشرق ما هو لفظة ما زائدة صلة الكلام ليست نافية والمراد إثبات أنه من قبل المشرق .

وفي بعض طرق الحديث عند البيهقي أنه شيخ وسنده صحيح .

قال البيهقي فيه إن الدجال الأكبر الذي يخرج في آخر الزمان غير ابن صياد وإن كان ابن صياد واحد الدجالين الكذابين الذين أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بخروجهم .

التالي السابق


الخدمات العلمية