( تتمة ) ثبت بالسنة الصحيحة أن
أهل الأرض يكفرون ويعبدون الأوثان .
[ ص: 152 ] وأنه
لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ، فقد أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
ومسلم من حديث
ابن عمرو رضي الله عنهما ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026598تجيء بعد موت عيسى عليه السلام ريح باردة من قبل الشام فلا تبقي على وجه الأرض أحدا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدكم دخل في كبد جبل لدخلت عليه حتى تقبضه فيبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا فيتمثل لهم الشيطان فيقولون ما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الأوثان ، فيعبدونها وهم في ذلك دار رزقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور " .
فإن قلت أليس قد ذكرت أن الدابة تقتل إبليس ؟ فالجواب إنه ليس في الحديث أن الذي يظهر لهم إبليس بل يجوز أن يكون شيطانا آخر غير إبليس من ذريته .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
ومسلم أيضا ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي من حديث
النواس بن سمعان "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026599فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ويبقى شرار الناس يتهارجون تهارج الحمر - أي يتسافدون تسافد الحمر ، جمع حمار - فعليهم تقوم الساعة " .
وفي حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة مرفوعا عند
الحاكم "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026600أن الله يبعث ريحا من اليمن ألين من الحرير فلا تدع أحدا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا قبضته " .
وقد جاءت رواية بأن الريح تأتي من قبل
الشام وهنا أنها من قبل
اليمن ؟ والجواب أنهما ريحان شامية ويمانية .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد بسند قوي عن
أنس رضي الله عنه مرفوعا "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026601لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض لا إله إلا الله " ورواه
مسلم بلفظ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026602حتى لا يقال في الأرض الله الله " فإن قيل كيف هذا مع ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026603لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق إلى يوم القيامة حتى يأتي أمر الله " ؟ ( فالجواب ) هذا غير مصادم للحديث لأن معناه أنهم لا يزالون على الحق حتى تأتيهم هذه الريح اللينة قرب القيامة وعند تظاهر أشراطها ، فأطلق فيه بقاءهم إلى قيام الساعة مريدا أشراطها ودنوها المتناهي في القرب ، ومثله قول بعضهم أمر الله هو هبوب تلك الريح الآتي بعد وقوع الآيات العظام التي بعضها ( 1 ) قيام الساعة ولا يتخلف عنها إلا شيئا يسيرا
[ ص: 153 ] وليس فيهم يعني من يبقى بعد هبوب الريح مؤمن وعليهم تقوم الساعة .
وعلى هذا فآخر الآيات المؤذنة بقيام الساعة هبوب تلك الريح كما في القناعة
للحافظ السخاوي .
وفي المستدرك بسند صحيح عن
عائشة رضي الله عنها مرفوعا "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026604لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى ويبعث الله ريحا طيبة فتتوفى من كان في قلبه مثقال حبة خردل من خير فيبقى من لا خير فيه فيرجعون على دين آبائهم " .
وفي مرفوع
ابن عمرو رضي الله عنهما " لا
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026605تقوم الساعة حتى يبعث الله ريحا لا تدع أحدا في قلبه مثقال ذرة من خير إلا قبضته ويلحق كل قوم بما كان يعبد آباؤهم في الجاهلية ويبقى عجاج من الناس لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر يتناكحون في الطرق فإذا كان ذلك اشتد غضب الله على أهل الأرض فأقام الساعة " .
وفي مستدرك
الحاكم من مرفوع
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026606وحتى تؤخذ المرأة جهارا نهارا تنكح وسط الطريق لا ينكر ذلك أحد " . وفي لفظ "
حتى ينكح أحدكم أمه فيكون أمثلهم يومئذ الذي يقول لو نحيتها عن الطريق قليلا ، فذلك فيهم مثل أبي بكر وعمر فيكم " .
قال
القرطبي في تذكرته عن بعض العلماء : إذا أراد الله انقراض الدنيا وتمام لياليها وقربت النفخة خرجت نار من قعر
عدن تسوق الناس إلى المحشر تبيت معهم وتقيل حتى يجتمع الخلق بالمحشر الإنس والجن والدواب والوحش والسباع والطير والهوام وخشاش الأرض وكل ذي روح . ثم ذكر النفخة .
( ( فكلها صحت بها الأخبار وسطرت آثارها الأخيار ) )
( ( فكلها ) ) أي أشراط الساعة المذكورة وعلاماتها المسطورة ( ( صحت بها الأخبار ) ) عن النبي المختار وأصحابه الأبرار صلوات الله وسلامه عليه وعليهم ما تعاقب الليل والنهار ، ( ( و ) ) كلها قد ( ( سطرت ) ) أي كتبت وأصل السطر الصف من الشيء والكتاب والشجر وغيره والجمع أسطر وسطور وأسطار وجمع الجمع أساطير ، ويطلق السطر أيضا على الخط والكتابة ويتحرك في الكل كما في القاموس ( ( آثارها ) ) مفعول سطرت أي الآثار الدالة عليها والمتضمنة لإثباتها ومجيئها في أوقاتها وعلاماتها المشيرة إلى اقترابها ( ( الأخيار ) ) فاعل سطرت وإنما أنث الفعل لأن الجمع مؤنث في
[ ص: 154 ] المعنى إذ معناه الجماعة وهو جمع خير وخير ككيس والمؤنثة خيرة ، ويجمع خير أيضا على خيار من غير ألف قبل الخاء المعجمة ، وقيل إن المخففة مختصة بما في الجمال والميسم والمشددة في الدين والصلاح .
والخير ضد الشر والأخيار ضد الأشرار . والمراد بهم هنا علماء الأمة من التابعين وتابعيهم وأئمة السلف ومقلديهم .
وقد روى
أبو نعيم في الحلية ،
والخطيب في التاريخ من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة رضي الله عنه ،
والقضاعي من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنهما أنه صلى الله عليه وسلم قال "
خيار أمتي علماؤها وخيار علمائها رحماؤها ، ألا وإن الله تعالى ليغفر للعالم أربعين ذنبا قبل أن يغفر للجاهل ذنبا واحدا ، ألا وإن العالم الرحيم يجيء يوم القيامة وإن نوره قد أضاء يمشي فيه ما بين المشرق والمغرب كما يضيء الكوكب الدري ) وإسناده ضعيف .
وقد عزونا كل قول لقائله وكل حديث لناقله غالبا لنخرج من تبعته . وليعلم من أنعم النظر وأمعن الفكر في ما حررته أنه زبدة ما مخضه المتقدمون وثمرة ما غرسه المحررون ، وبالله التوفيق .