لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
( الثالث )

قال النسفي في بحر الكلام : إن الإيمان لا يوزن لأنه ليس له ضد يوضع في كفة الميزان الأخرى ؛ لأن ضده الكفر ، والإيمان والكفر لا يكونان في الإنسان الواحد .

قلت : هذا وزن كلمة الإخلاص ، وهي أس الإيمان ، وانتصر القرطبي للنسفي كالحكيم الترمذي ، وأجاب عن كلمة الإخلاص بأنها تكون إيمانا أول مرة ، وبعد ذلك تكون من حسناته .

قال : ويدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم : بلى إن لك عندنا حسنة ، ولم يقل : إن لك عندنا إيمانا ، وقد سئل - صلى الله عليه وسلم - عن لا إله إلا الله من الحسنات هي ؟ " من أعظم الحسنات " رواه البيهقي ، وغيره .

قلت :

وفيه نظر لا يخفى . ( فإن قيل ) ما الحكمة في الوزن مع أن الله عالم بكل شيء فيعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ؟ ( أجاب ) الثعلبي بأن الحكمة في ذلك تعريف الله عبيده ما لهم عنده من الجزاء من خير أو شر .

وقال العلامة الشيخ مرعي : بل الحكمة فيه إظهار العدل وبيان الفضل حيث أنه يزن مثقال الذرة من خير أو شر ( وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما ) .

التالي السابق


الخدمات العلمية