( ( تنبيه ) ) :
ذهب جمع إلى أن
الموت عرض ومعنى ، والأعراض لا تنقلب أجساما ، بل زعم بعضهم أن الموت عدم محض ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ، وأجابوا عن قوله تعالى (
خلق الموت والحياة ) بأن الخلق في هذه الآية التقدير ، فإن قيل : فعلى هذا كيف يأتي الموت في صورة كبش فيذبح ؟ فالجواب : نقل
nindex.php?page=showalam&ids=14155الحكيم الترمذي أن مذهب السلف في هذا الحديث الوقوف عن الخوض في معناه ، فنؤمن به ونكل علمه إلى الله .
وأجاب بعض أهل العلم أن : لعل هذا الكبش في صورة ملك من الملائكة الذين يقبضون أرواح الخلائق .
[ ص: 236 ] وإلا فالموت في نفسه عدم محض راجع إلى سلب الحياة ، أو هو استعارة وكناية عن الخلود الدائم ، فضرب المثل بالموت ولا موت هناك حقيقة ، انتهى .
وذهب جماعة إلى أن الموت جسم لا عرض ، وأنه مخلوق في صورة كبش ، والحياة في صورة فرس ، قال الإمام
nindex.php?page=showalam&ids=13711أبو حسن الأشعري :
الموت أمر وجودي لقوله تعالى (
خلق الموت والحياة ) والعدم لا يخلق .
كل هذا ملخص من كلام الشيخ
مرعي - رحمه الله تعالى .
وقال
النووي في شرح
مسلم : يتأول الحديث على أن الله تعالى يخلق هذا الجسم ثم يذبح مثالا ، لأن الموت لا يطرأ على أهل الآخرة .
قلت : وهذا غير مرضي ولا معول عليه ، والدليل على أن الموت جسم في صورة كبش ما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم في تفسيره عن
قتادة في قوله تعالى : (
خلق الموت والحياة ) قال :
الحياة فرس
جبريل ، والموت كبش أملح .
وقال
مقاتل والكلبي : خلق الموت في صورة كبش لا يمر على أحد إلا مات ، وخلق الحياة في صورة فرس لا يمر على شيء إلا حيي .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=11868أبو الشيخ ابن حيان في كتاب العظمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه قال :
خلق الله الموت كبشا أملح مستترا بسواد وبياض ، له أربعة أجنحة جناح تحت العرش ، وجناح في الثرى ، وجناح في المغرب ، وجناح في المشرق ، قال له كن فكان ، ثم قال له ابرز فبرز
لعزرائيل .
قلت : الذي نذهب إليه أن الموت أمر وجودي ، وأنه جسم لا عرض ، وأنه مخلوق في صورة كبش أملح ، وأن الحياة في صورة فرس كما صحت بذلك الأخبار عن النبي المختار ، ونقله الأئمة ودونه الجهابذة الأخيار ، على أن كثيرا من العلماء أشار إلى أن جميع المعاني المعقولة عندنا مصورة عند الله تعالى بصور الأجسام ، ومشخصة بهيئة الأشخاص ، وإن كنا لا نحس ذلك لكوننا محجوبين عنه ، والأحاديث النبوية ناطقة بذلك شاهدة له ، فإنه قد ورد عدة أخبار أن الأعمال تعرض في صورة أشخاص ، الإسلام والصلاة والصيام والمعروف والذكر ، فهذا كله يدل على ما ذكرناه ، وبالله التوفيق .
( فائدة )
ذكر في البدور السافرة أن عند
إسماعيل بن زياد الشامي [ ص: 237 ] في تفسيره أن
الذي يتولى ذبح الموت جبريل عليه السلام ، وقيل :
يحيى بن زكريا عليهما السلام ، والله أعلم .