[ ص: 279 ] ( ( و ) ) الثالثة : أنه سبحانه وتعالى خص نبيه - صلى الله عليه وسلم - بـ ( ( بعثه ) ) نبيا ورسولا ( ( لسائر ) ) أي : جميع ( ( الأنام ) ) كسحاب ، الخلق من الإنس والجن بالإجماع ، واختلف في
إرساله إلى الملائكة على قولين أحدهما : أنه لم يكن مرسلا إليهم ، وبهذا جزم جمع محققون ، وهو ظاهر كلام علمائنا ، قال
ابن حمدان في نهاية المبتدين : ونجزم بأن
محمدا - صلى الله عليه وسلم - رسول الله حقا إلى الإنس والجن كافة ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14953القاضي أبو يعلى : وأنه - صلى الله عليه وسلم - خاتم الأنبياء وأفضلهم ، نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد . انتهى .
ونقل الإجماع على ذلك غير واحد ، والقول الثاني : بأنه - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى الملائكة أيضا ، ورجحه
الجلال السيوطي في الخصائص ،
والسبكي قبله ، وزاد : أنه - صلى الله عليه وسلم - مرسل إلى جميع الأنبياء والأمم السابقة ، وزعم أن قوله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026902بعثت للناس كافة ، شامل لهم من لدن
آدم إلى قيام الساعة ، ورجح هذا القول
البارزي ، وزاد أنه مرسل إلى جميع الحيوانات ، واستدل على ذلك بشهادة الضب له بالرسالة ، وبشهادة الحجر والشجر له أيضا بذلك ، قال
الحافظ السيوطي ، وأزيد إلى ذلك أنه مرسل إلى نفسه ، وتقدم كلام صاحب الفروع وغيره في التنبيهات الملحقة تحت قوله
وكل إنسان وكل جنة في دار نار أو نعيم جنة
. فعاوده .
فإن قلت : قد علم يقينا أن قوم
نوح بعد الطوفان كانوا جميع أهل الأرض ، ورسالة
نوح عليه السلام عامة لهم ، فالجواب : أن عمومها أمر اتفاقي إذ لم يسلم من الهلاك إلا من كان معه في السفينة ، فالعموم صار ثانيا ، وبالعرض على أنه لم يبعث للجن ، والحاصل أن نبينا
محمدا - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى الثقلين بالإجماع ، ورسالته مطبقة جميع الأكوان ، ولا التفات لزعم بعض ملحدي
أهل الكتاب من خصوص رسالته للعرب ، لأن هذا مكابرة باطلة ، ومغالطة عاطلة لوجوه بديهية البرهان ، منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يكذب ، وقد أنزل عليه في محكم القرآن (
قل يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ) (
وما أرسلناك إلا كافة للناس ) ثم مقاتلته
لأهل الكتاب وسبي زراريهم واستباحة دمائهم ، وضرب الجزية
[ ص: 280 ] عليهم أمر معلوم بالتواتر والضرورة ، فالمتعلق بهذا هذاء ، والله تعالى الموفق