( الثالث سدرة المنتهى ) : السدر شجر النبق ، واحده سدرة ، وإنما قيل لها سدرة المنتهى لأنه ينتهي إليها ما يهبط من فوقها ، فيقبض منها وإليها ينتهي
[ ص: 287 ] ما يعرج من الأرض كما رواه
مسلم عن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ، وقيل غير ذلك . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13138ابن دحية ، واختيرت السدرة دون غيرها لأن فيها ثلاثة أوصاف : ظل مديد ، وطعم لذيذ ، ورائحة ذكية ، فكانت بمنزلة الإيمان الذي يجمع القول والعمل والنية ، وقد وقع عند
مسلم في صحيحه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود - رضي الله عنه - أن السدرة في السماء السادسة ، وظاهر حديث
أنس - رضي الله عنه - أنها في السابعة ، قال
القرطبي : وهو تعارض لا شك فيه ، وحديث
أنس قول الأكثر وهو الذي يقتضيه وصفها بكونها التي ينتهي إليها علم كل نبي مرسل ، وكل ملك مقرب ، ويترجح حديث
أنس أيضا بأنه مرفوع وحديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود موقوف . قال
الحافظ ابن حجر : كذا قال - يعني
القرطبي - ولم يعرج على الجمع بل جزم بالتعارض ، ولا يعارض أنها في السماء السادسة ما دلت عليه الأخبار أنه وصل إليها بعد أن دخل في السماء السابعة ؛ لأنه يحمل على أن أصلها في السادسة وأغصانها وفروعها في السابعة ، وليس في السادسة إلا أصل ساقها ، قال
ابن حجر : والأظهر أن سدرة المنتهى مغروسة بالأرض بدليل قوله : ونهران باطنان ، ولا يطلق هذا اللفظ وما أشبهه إلا على ما يفهم ، والباطن لابد أن يكون سريانه تحت شيء ، وحينئذ يطلق عليه اسم الباطن . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14961القاضي عياض : دل الحديث على أن أصل شجرة المنتهى في الأرض لكونه قال : إن النيل والفرات يجريان من أصلها ، وهما بالمشاهدة يجريان من الأرض ، فليزم منه أن يكون أصل السدرة في الأرض ، وتعقبه
النووي بأن المراد بكونهما يخرجان من أصلها غير خروجهما بالنبع من الأرض ، والحاصل أن أصلها من الجنة ، وهما يخرجان أولا من أصل السدرة ثم يسيران إلى أن يستقرا في الأرض ثم ينبعان .
وفي أصل القصة : فإذا في أصلها أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران ، وقال
جبريل لما سئل عنها : أما الباطنان فنهران في الجنة ، وأما الظاهران فالنيل والفرات . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12486ابن أبي جمرة : هذا يدل على أن النيل والفرات ليسا من الجنة ، وسدرة المنتهى ليست في الجنة حتى يقال إنهما يخرجان منها بعد نبعهما من السدرة ، وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة ، والجمع بينهما والله أعلم أن الفرات والنيل منبعهما من السدرة ، وإذا أنزلا إلى الأرض
[ ص: 288 ] يسلكان أولا على الجنة ، فيدخلانها ، ثم بعد ذلك ينزلان إلى الأرض . انتهى .
قلت : إذا قلنا :
سدرة المنتهى في السابعة تعين أنها في الجنة ؛ لأن الجنة ليس سقفها سوى عرش الرحمن ، والله أعلم .