( ( وقيل أهل أحد المقدمه والأول أولى للنصوص المحكمه ) )
وقوله ( ( وقيل أهل ) ) غزوة
جبل ( ( أحد المقدمة ) ) أي في الزمن والأفضلية إشارة إلى أن الأصح
الأفضل أهل بدر ، فأهل أحد ، فأهل البيعة ، وقوله ( ( والأول ) ) وهو تقديم
أهل البيعة في الأفضلية على أهل غزوة
أحد ( ( أولى ) ) وأحق وأحرى بذلك ، وذلك ( ( لـ ) ) ورود ( ( النصوص المحكمة ) ) من الكتاب والسنة من أحاديث نبي الرحمة - صلى الله عليه وسلم - ،
وكانت غزوة أحد في نصف شوال سنة ثلاث أول نهار السبت ، وفي الفتح لإحدى عشر خلت منه ، وقيل لتسع وقيل لثمان وقيل لسبع .
وأحد - بضم الهمزة والحاء والدال المهملتين - هو جبل أحمر ليس بذي شناخب ، بينه وبين
المدينة [ ص: 367 ] أقل من فرسخ ، وهو في شمالها إلى الشرق ، روى الشيخان عن
أنس - رضي الله عنه - ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني بسند جيد عن
سويد بن عامر الأنصاري ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=187أبي حميد الساعدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12070والبخاري عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة وغيرهم - رضي الله عنهم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026996أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لأحد لما بدا له : " هذا جبل يحبنا ونحبه " . وتكرر منه - صلى الله عليه وسلم - هذا القول مرات ، وفي
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني عن
nindex.php?page=showalam&ids=31سهل بن سعد مرفوعا : "
أحد ركن من أركان الجنة " .
قال
ياقوت :
أحد اسم مرتجل لهذا الجبل . وقال
السهيلي : سمي
أحدا لتوحده وانقطاعه عن جبال أخر هناك ، أو لما وقع من أهله من نصرة التوحيد ، ولا أحسن من اسم مشتق من الأحدية ، وأهله هم
الأنصار نصروا التوحيد ، والمبعوث بدين التوحيد عنده استقر حيا وميتا .
إذا علمت هذا فظاهر كلام متكلمي
الأشاعرة أن
أهل غزوة أحد يلون
أهل بدر في الأفضلية ، وكان
عدة أهل غزوة أحد بعد انخزال
ابن أبي سبعمائة ، وكان المشركون ثلاثة آلاف ، وعدة من استشهد يومئذ من المسلمين سبعون رجلا ، منهم أربعة من
المهاجرين ، وهم سيد الشهداء
حمزة ومصعب وعبد الله بن جحش وشماس بن عثمان ، وسائرهم من
الأنصار ، وزاد بعضهم من
المهاجرين مولى
nindex.php?page=showalam&ids=195حاطب بن أبي بلتعة ،
وثقف بن عمرو الأسلمي حليف بني عبد شمس ، وهذا يوافق ما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان ،
والحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب - رضي الله عنه - قال : أصيب يوم
أحد من
الأنصار أربعة وستون ، ومن
المهاجرين ستة . والذي يظهر لي - والله أعلم - أنه إن أريد شهداء
أحد فنعم ، وإلا فيحتاج إلى توقيف فتفطن له . فقد وردت الأحاديث في
فضل شهداء أحد كقوله - صلى الله عليه وسلم - في حق
عبد الله والد جابر - رضي الله عنهما - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1026998ما زالت الملائكة تظله بأجنحتها حتى رفعتموه " . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري .
وأخرج
ابن المنذر عن
أنس - رضي الله عنه - قال :
لما قتل حمزة وأصحابه يوم أحد قالوا : يا ليت لنا مخبرا يخبر إخواننا بالذي صرنا إليه من كرامة الله تعالى لنا ، فأوحى إليهم - سبحانه وتعالى - أنا رسولكم إلى إخوانكم فأنزل الله - عز وجل - : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) - إلى قوله - ( لا يضيع أجر المؤمنين ) . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
ومسلم ،
وأبو داود عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال :
[ ص: 368 ] قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027000لما أصيب إخوانكم بأحد جعل الله تعالى أرواحهم في أجواف طير خضر ، ترد أنهار الجنة ، وتأكل من ثمارها ، وتأوي إلى قناديل من ذهب معلقة في ظل العرش ، فلما وجدوا طيب مشربهم ، وحسن مقيلهم ، قالوا : يا ليت إخواننا يعلمون ما صنع الله تعالى لنا - وفي لفظ قالوا : - من يبلغ إخواننا أنا أحياء في الجنة نرزق ، لئلا يزهدوا في الجهاد ، ولا ينكلوا عن الحرب ؟ فقال الله - عز وجل - : أنا أبلغهم عنكم ، فأنزل الله تعالى هؤلاء الآيات : ( ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا ) إلى آخر الآيات ، وروى نحوه
عبد الرزاق في المصنف ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12251والإمام أحمد في المسند ،
ومسلم في الصحيح من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود .
وكان - صلى الله عليه وسلم - يزور شهداء أحد ، فإذا بلغ فرضة الشعب يقول : " السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار " ، ثم كان أبو بكر - رضي الله عنه - بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - يفعله وكذا عمر ، وعثمان - رضي الله عنهما - ، ولما أجرى معاوية - رضي الله عنه - العين فمرت على الشهداء ، فأخرجهم طرايا تنثني أطرافهم ، وجدوا والد جابر ويده على جرحه ، فأميطت يده عن جرحه ، فانبعث الدم ، فردت إلى مكانها ، فسكن الدم ، قال جابر : فرأيت أبي في حفرته كأنه نائم ، والنمرة التي كفن فيها كما هي ، وكان ذلك بعد أحد بست وأربعين سنة ، وأصابت المسحاة رجل رجل منهم وهو حمزة ، فانبعث الدم ، فقال nindex.php?page=showalam&ids=44أبو سعيد الخدري - رضي الله عنه - : لا ينكر بعد هذا منكر ، وكانوا وهم يحفرون يفيح عليهم من القبور ريح المسك .
وروى
الحارث في مسنده عن
nindex.php?page=showalam&ids=37سعد بن أبي وقاص ،
والحاكم عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله - رضى الله عنهم -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027002أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا ذكر أصحاب أحد يقول : " أما والله لوددت أني غودرت مع أصحابي بنحض الجبل " . - يعني شهداء أحد - والأحاديث في ذلك كثيرة جدا .
وأما
أهل الشجرة - يعني
أهل البيعة - وهم
أصحاب الحديبية فقد وردت النصوص المحكمة في فضلهم كما سنذكر طرفا من ذلك ،
والحديبية - بحاء مضمومة فدال مهملتين والدال مفتوحة ، فموحدة مكسورة فتحتية مفتوحة بالتخفيف والتشديد - قال
النحاس : سألت كل من لقيت ممن أثق به من أهل
[ ص: 369 ] العلم عن
الحديبية ، فلم يختلفوا على قراءتها مخففة ، ونص في البارع على التخفيف ، وحكي التشديد عن
nindex.php?page=showalam&ids=13247ابن سيده في المحكم ، قال في تهذيب المطالع : ولم أره لغيره ، وزعم بعضهم أن التشديد لم يسمع في فصيح ، وقال الإمام
النووي : هما وجهان مشهوران ، قال
البكري : قريبة من
مكة أكثرها من
الحرم ، وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري عن
البراء - رضي الله عنه -
والحديبية بئر ، قال
الحافظ ابن حجر يشير إلى المكان المسمى
بالحديبية : سمي ببئر كانت هناك هذا اسمها ، ثم عرف المكان كله بذلك ، وبينها وبين
مكة نحو مرحلة واحدة ، ومن
المدينة تسع مراحل ، وكانت في ذي القعدة من السنة السادسة ، وكان عدة المسلمين الذين مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم أربع عشرة مائة وأكثر من ذلك ، ولعل الزائد على الألف وأربع مائة من الخدام والأتباع ، وأما نفس المقاتلة فأربع عشرة مائة ، وأما قول
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق كانوا سبعمائة فغلط لم يوافق عليه ، وكان
سبب البيعة أن قريشا لما صدت النبي - صلى الله عليه وسلم - والمسلمين عن المسجد الحرام ، فبعث nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - وقال له : اذهب إلى قريش وأخبرهم أنا لم نأت لقتال ، إنما جئنا عمارا ، وادعهم إلى الإسلام ، ثم بلغه أن عثمان - رضي الله عنه - قد قتلته قريش . فدعا الناس إلى البيعة وقال : " لا نبرح حتى نناجز القوم " .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=119سلمة بن الأكوع - رضي الله عنه - ،
والبيهقي عن
عروة ،
وابن إسحاق عن
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري ،
ومحمد بن عمر عن شيوخه قال
سلمة - رضي الله عنه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027004بينا نحن قائلون إذ نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أيها الناس البيعة البيعة ، نزل روح القدس ، فاخرجوا على اسم الله . قال سلمة : فسرنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو تحت شجرة سمرة فبايعناه . وفي صحيح مسلم قال : فبايعته أول الناس ، ثم بايعته وسط الناس ، ثم بايعته آخر الناس . والصحيح أن الذي بايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
أول الناس في تلك البيعة أبو سنان الأسدي ، فقال : ابسط يدك أبايعك . فقال - صلى الله عليه وسلم - : علام تبايعني ؟ قال : على ما في نفسك . قال : وما في نفسي ؟ قال : أضرب بسيفي بين يديك حتى يظهرك الله أو أقتل . فبايعه وبايعه الناس على بيعة أبي سنان ، وضرب [ ص: 370 ] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بإحدى يديه على الأخرى عن nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه - ، وقال : اللهم إن عثمان في حاجتك وحاجة رسولك ، فكانت يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعثمان خيرا من أيديهم لأنفسهم ، ثم تبين كذب الخبر بقتل
عثمان - رضي الله عنه - فقدم على النبي - صلى الله عليه وسلم - هو ومن معه ، وكانوا عشرة وذلك بعد البيعة ، ثم كانت الهدنة بين النبي - صلى الله عليه وسلم - وبين
قريش . وقد روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ومسلم وغيرهما في حديث
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027006كنا في الحديبية ألفا وأربعمائة ، فقال لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : أنتم خير أهل الأرض .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد ،
ومسلم ،
وأبو داود ،
nindex.php?page=showalam&ids=13948والترمذي عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله أيضا - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027007لا يدخل النار أحد بايع تحت الشجرة " . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أيضا بسند رجاله ثقات عن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027008أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لأهل الحديبية : " لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا مدكم " .
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027009وسأل أبو الزبير جابرا : كم كانوا يوم الحديبية ؟ قال : كنا أربع عشرة مائة فبايعناه ، وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة ، فبايعناه غير جد بن قيس الأنصاري اختفى تحت بطن بعير ، وقال : بايعناه على أن لا نفر ، وعند nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق قال جابر - رضي الله عنه - : فكأني أنظر إليه - يعني إلى الجد بن قيس - لاصقا بإبط ناقته قد ضبأ إليها - وهو بفتح الضاد والموحدة مهموزا أي اختبأ بها يستتر بها عن الناس - فبايعناه على أن لا نفر ، ولم نبايعه على الموت .
وهذا
الجد بن قيس الذي لم يبايع كان يرمى بالنفاق ، وعده الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=11890ابن الجوزي في منتخب المنتخب من المنافقين ، وقد نزل في حقه في غزوة
تبوك ما يشعر بذلك ، وهو ابن عمة
nindex.php?page=showalam&ids=1023البراء بن معرور ، وكان سيد
بني سلمة - بكسر اللام - في الجاهلية ، فسود النبي - صلى الله عليه وسلم -
nindex.php?page=showalam&ids=5899عمرو بن الجموح ، وقيل : سود عليهم
nindex.php?page=showalam&ids=1054بشر بن البراء بن معرور ، ومال إليه
nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر ، وأخرج
الترمذي عن
جابر - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027010ليدخلن الجنة من بايع تحت الشجرة إلا صاحب الجمل الأحمر " . ومن ثم قال
[ ص: 371 ] nindex.php?page=showalam&ids=13332ابن عبد البر : ليس في غزواته - صلى الله عليه وسلم - ما يعادل
بدرا ، أو يقرب منها إلا غزوة
الحديبية ، وقيل : صاحب الجمل الأحمر غير
الجد بن قيس ، يدل له ما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
والذي نفسي بيده لقد غفر للركب أجمعين إلا رويكبا واحدا على جمل أحمر التفت عليه رحال القوم ليس منهم " . وقال - صلى الله عليه وسلم - : " كلكم مغفور له إلا صاحب الجمل الأحمر " .
قال أبو سعيد - رضي الله عنه - : فطلب في العسكر ، فإذا هو عند nindex.php?page=showalam&ids=85سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل ، والرجل من بني ضمرة ، من أهل سيف البحر ، يظن أنه من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقيل لسعيد - رضي الله عنه - : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال كذا وكذا . فقال له سعيد : ويحك اذهب إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستغفر لك . وقال جابر : فقلنا له : تعال يستغفر لك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - . فقال : والله لأن أجد ضالتي أحب إلي من أن يستغفر لي ، وإذا هو قد أضل بعيرا له ، فانطلق يطلب بعيره بعد أن استبرأ العسكر وطلبه فيهم ، فبينما هو في جبل سراوع إذ زلقت به نعله ، فتردى فمات فما علم به حتى أكلته السباع . وقصة هذا قبل البيعة إذ هذا ليس من عسكر المسلمين بخلاف
الجد بن قيس ، والله أعلم .