( ( ونصبه بالنص والإجماع وقهره فحل عن الخداع ) )
( ( وشرطه الإسلام والحريه عدالة سمع مع الدريه ) )
( ( وأن يكون من قريش عالما مكلفا ذا خبرة وحاكما ) )
( ( و ) ) يثبت ( ( نصبه ) ) أي
الإمام الأعظم ( ( بالنص ) ) من الإمام على استخلاف واحد من أهلها ، بأن يعهد الإمام إلى إنسان ينص عليه بعده ، ولا يحتاج في ذلك إلى موافقة أهل الحل والعقد كما عهد
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق بالخلافة إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر الفاروق - رضي الله عنهما - ، ( ( و ) ) يثبت نصبه أيضا بـ ( ( الإجماع ) ) من أهل الحل والعقد من المسلمين كإمامة
الصديق الأعظم أبي بكر - رضي الله عنه - خليفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فإذا بايعه أهل الحل والعقد من العلماء ووجوه الناس الذين هم بصفة الشهود من العدالة وغيرها ثبتت إمامته ، وكذا في جعل الأمر شورى في عدد محصور ليتفق أهل البيعة على أحدهم ، فإذا اتفقوا على واحد منهم صار إماما
[ ص: 423 ] كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - حيث جعل أمر الإمامة بين ستة أنفار حتى وقع اتفاقهم على
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان - رضي الله عنه وعنهم أجمعين - ، ( ( و ) ) يثبت نصبه أيضا بـ ( ( قهره ) ) الناس بسيفه حتى يذعنوا له ويدعوه إماما فتثبت له الإمامة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رضي الله عنه - في رواية
عبدوس بن مالك العطار : ومن غلب عليهم بالسيف حتى صار خليفة وسمي أمير المؤمنين فلا يحل لأحد يؤمن بالله يبيت ولا يراه إماما برا كان أو فاجرا انتهى . لأن
nindex.php?page=showalam&ids=16491عبد الملك بن مروان خرج على
ابن الزبير - رضي الله عنهما - ، فقتله واستولى على البلاد وأهلها حتى بايعوه طوعا وكرها ودعوه إماما ، ولما في الخروج عليه من شق عصا المسلمين وإراقة دمائهم وذهاب أموالهم ، ولهذا قال : ( ( فحل ) ) أمر إرشاد أي ابعد وزل ومنه : (
لا يبغون عنها حولا ) ، ( ( عن الخداع ) ) متعلق بحل من خدعه كمنعه خدعا ويكسر ختله ، وأراد به المكروه من حيث لا يعلم كاختدعه فانخدع والاسم الخديعة ، يعني اترك مخادع أهل البدع وتزويق ما يظهرون من جواز الخروج على الإمام وعن طاعته ، وزعمهم عدم وجوب نصبه ، فإنهم ضالون ومن وافقهم صار منهم .
ثم أخذ في ذكر
شروط الإمام المنصوب وما يعتبر أن يكون فيه ومتصفا به على سبيل الوجوب ، ( ( وشرطه ) ) أي يشترط فيه ( ( الإسلام ) ) لأن غير المسلم لا يكون له على المسلمين سبيل ، ( ( والحرية ) ) لأن الرقيق بجميع أنواعه عليه الولاية فلا يكون واليا على غيره فضلا عن عامة المسلمين وخاصتهم ، وأما حديث : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027053اسمعوا له وأطيعوا ولو ولي عليكم عبد أسود كأن رأسه زبيبة " محمول على نحو أمير سرية . وشرطه أي يشترط فيه أيضا ( ( عدالة ) ) لاشتراط ذلك في ولاية القضاء وهي دون الإمامة العظمى ، نعم إن قهر الناس غير عدل فهو إمام كما تقدم نص
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد - رضي الله عنه - في مثل ذلك . ويعتبر فيه أيضا ( ( سمع ) ) أي أن يكون سميعا بصيرا ناطقا ، لأن غير المتصف بهذه الصفات لا يصلح لسياسة الخلق ، ( ( مع الدرية ) ) - بفتح الدال المهملة وكسر الراء وتشديد التحتية فهاء تأنيث - من الدراية وهي العلم والخبرة ، يقال دريت الشيء ودريت به دريا ودريانا بالكسر ودريا كحبلى علمته أو بضرب من الحيلة كما في القاموس
[ ص: 424 ] وأريد به اعتبار كونه عالما بالأحكام المتعلقة بالسياسة والحروب ، ذا بصيرة قد علم بأحوال الناس ومكرهم وختلهم وخبر أحوالهم ، لاحتياج الإمام إلى جميع ذلك بخلاف المغفل فلا يصلح للإمامة العظمى ، ( ( و ) ) يعتبر أيضا ( (
أن يكون ) ) الإمام ( ( من قريش ) ) وهو من كان من نسل فهر - بكسر الفاء وسكون الهاء -
ابن مالك بن النضر - واسمه
قيس بن كنانة بن خزيمة بن مدركة - واسمه
عمرو بن إلياس - واسمه
حبيب بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، ففهر جماع
قريش في قول
الكلبي وغيره من العلماء في أنساب العرب ، وسموا
قريشا لأنهم كانوا يقرشون عن خلة الناس - بفتح الخاء المعجمة - أي حاجتهم وفقرهم ، ومعناه ينقبون عنها ويستعملونها ليغنوهم ويسدوا خلتهم ، وكان ذلك من قولهم تقارشت الرماح إذا تداخلت في الحرب ، لأن المستعلم المستخبر يداخل أحوال الذي يطلب علم حاله ليحصل له مقصوده ، وقيل إنه مأخوذ من التقريش وهو التعييش ، لأنهم كانوا يعيشون الحاج فيطعمون الجائع ويكسون العاري ويحملون المنقطع ، قال
الجوهري : القرش الكسب والجمع وقد قرش يقرش - بالكسر - قال
الفراء : وبه سميت
قريش . وقيل : سموا بذلك لدابة عظيمة تأكل الدواب في البحر وقيل غير ذلك .
وإنما اشترط كونه من
قريش لقوله - صلى الله عليه وسلم - : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027054الأئمة من قريش " . رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد وأبو يعلى في مسنديهما
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني من حديث
أبي برزة - رضي الله عنه - ، وروى
الترمذي نحوه من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبى هريرة - رضي الله عنه - مرفوعا ولفظه : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027055الملك في قريش " . وسنده صحيح . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12251الإمام أحمد أنه - صلى الله عليه وسلم - قال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1027056الخلافة في قريش " . ورواه
nindex.php?page=showalam&ids=14687الطبراني أيضا ، وروى
البزار من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : "
الأمراء من قريش أبرارها أمراء أبرارها ، وفجارها أمراء فجارها " . وفي الحديث : "
قدموا قريشا ولا تقدموها " . وقول
nindex.php?page=showalam&ids=1الصديق والمهاجرين للأنصار : إن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من
قريش ورووا لهم في ذلك الأخبار .
ويعتبر أن يكون ( ( عالما ) ) بالأحكام الشرعية لاحتياجه إلى مراعاتها في أمره ونهيه ، وأن يكون ( ( مكلفا ) ) أي بالغا عاقلا ، لأن غير البالغ العاقل يحتاج لمن يلي أمره ، فلا يكون واليا على أمر المسلمين
[ ص: 425 ] وأن يكون ( ( ذا خبرة ) ) بتدبير الأمور المذكورة في البلاد والعباد ، ( ( و ) ) أن يكون ( ( حاكما ) ) أي يكون قادرا على إيصال الحق إلى مستحقه ، وكف ظلم المعتدي وقمع أهل الافتراء والاعتداء ، وقادرا على إقامة الحدود وقمع أهل الضلال والجحود ، لا تأخذه رأفة في إقامة الحدود والذب عن الأمة .
فإن عقدت لأكثر من واحد فهي للأول ، فإن فسق الإمام بعد العدالة المقارنة للعدل لم ينعزل على الأصح الأشهر ، ولا تشترط عصمته في حال من الأحوال ، ولا كونه أفضل الأمة ، ولا كونه هاشميا ، أو إظهار معجزة على يده يعلم به صدقه خلافا
للرافضة ، وهذا من خرافاتهم وجهالاتهم . ومن جهالاتهم أيضا زعمهم أن غير المعصوم يسمى ظالما فيتناوله قول الله تعالى : (
لا ينال عهدي الظالمين ) إذ
الظالم لغة من يضع الشيء في غير محله وشرعا العاصي ، ولا يلزم من كونه غير معصوم أن يكون عاصيا ولا ظالما لجواز كونه محفوظا فلا يصدر عنه ذنب أو إذا صدر عنه ذنب تاب منه توبة نصوحا .