تنبيهات
الأول : قال بعض أهل العلم :
أهل البدع خمسة - يعني : من جهة أصولها ، ثم كل ( فرقة ) تتشعب وتتفرق فرقا شتى :
أحدها :
المعتزلة القائلون بأن العباد خالقو أعمالهم ، وينفون رؤية الله - تعالى - في الآخرة ، ويقولون بوجوب الثواب والعقاب ، والصلاح والأصلح على الله ، ومن أصول
المعتزلة القول بالعدل وثبوت المنزلة بين المنزلتين والتوحيد ، يعني نفي الصفات كما تقدم ، وهم عشرون فرقة ، يضلل بعضهم بعضا .
[ ص: 77 ] ( أحدها ) :
الواصلية أتباع
nindex.php?page=showalam&ids=17263واصل بن عطاء ، قالوا بجميع ما ذكر ، وخطئوا أحد الفريقين من
عثمان - رضي الله عنه - ومقاتليه ، وجوزوا أن يكون سيدنا
عثمان - رضي الله عنه - بين الكفر والإيمان ، وخلدوه في النار ، وكذا
علي ومقاتلوه ، وحكموا بأن
طلحة والزبير وعليا - رضي الله عنهم - بعد وقعة الجمل لو شهدوا على حبة ، لم تقبل شهادتهم كالمتلاعنين .
( الثانية ) :
العمرية مثلهم إلا أنهم فسقوا كلا الفريقين .
( الثالثة ) :
الهذلية أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=14809أبي الهذيل العلاف ، قالوا بفناء مقدورات الله من الجنة والنار ، وإن العباد مجبورون في الآخرة ، ولهذا تسمي
المعتزلة أبا الهذيل جهمي الآخرة ، وإن الله عالم بعلم ، وقادر بقدرة ، كلاهما عين ذاته ، مريد بإرادة ، لا في ذات ، متكلم بكلمة ( كن ) لا في ذات ، وهو يوافق قول
جهم في بعض الوجوه ، وإن كان
المعتزلة كلهم
جهمية .
قال
شيخ الإسلام ابن تيمية : أول من حفظ عنه أنه قال مقالة التعطيل للصفات في الإسلام
nindex.php?page=showalam&ids=14005الجعد بن درهم الذي ضحى به
nindex.php?page=showalam&ids=14998خالد القسري ، وأخذها عنه
nindex.php?page=showalam&ids=15658الجهم بن صفوان ، وأظهرها فنسبت إليه ، وقد قيل : إن
الجعد أخذ مقالته عن
أبان بن سمعان ، وأخذها
أبان من
طالوت ابن أخت لبيد بن الأعصم ، وأخذها
طالوت من
لبيد بن الأعصم اليهودي الساحر ، الذي سحر النبي - صلى الله عليه وسلم ، وكان
الجعد هذا فيما قيل من
أهل حران ، وكان فيهم خلق كثير من
الصابئة والفلاسفة ، بقايا أهل دين
النمرود الكنعانيين ،
والنمرود هو ملك
الصابئة المشركين ، اسم جنس
ككسرى لملك
الفرس وقيصر ملك
الروم ، وكان
الصابئون هؤلاء يعبدون الكواكب ويبنون لها الهياكل ، فمذهب النفاة من هؤلاء يقولون في الرب - تعالى - ليس له إلا صفات سلبية أو إضافية أو مركبة منهما ، وأخذها الجهم أيضا فيما ذكره الإمام
أحمد - رضي الله عنه - عن
السمنية وبعض فلاسفة
الهند ، وهم الذين يجحدون من العلوم ما سوى الحسيات ، قال شيخ الإسلام : فهذه أسانيد
الجهم ترجع إلى
اليهود والنصارى ،
والصابئين والمشركين ،
والفلاسفة الضالين إما من
الصابئين ، وإما من المشركين .
( الرابعة ) :
النظامية أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=15414إبراهيم بن سيار النظام ، قالوا : إن الله
[ ص: 78 ] لا يقدر أن يفعل بعباده في الدنيا ما لا صلاح لهم فيه ، ولا أن يزيد وينقص من عقاب وثواب ، وكونه مريدا لفعله كونه خالقه ، ولفعل العبد كونه أمر به ، والإنسان هو الروح والبدن ، والأعراض والأجسام لا تبقى ، والجسم مؤلف من الأعراض ، والعلم والجهل المركب مثلان ، والإيمان والكفر كذلك ، وإن الله خلق الخلق دفعة والتقدم والتأخر في الكون والظهور ، ونظم القرآن ليس بمعجز ، والتواتر يحتمل الكذب ، والإجماع والقياس ليس بحجة ، وأوجبوا النص على الإمام وثبوته
لعلي لكن كتمه
عمر .
( الخامسة ) :
الأسوارية وهم أصحاب
الأسواري ، زادوا على من قبلهم أن الله لا يقدر على ما أخبر بعدمه أو علم عدمه ، ( والإنسان قادر على ما أخبر بعدمه أو علمه ) .
( السادسة ) :
الإسكافية أصحاب
أبي جابر الإسكاف ، قالوا : إن الله لا يقدر على الظلم على العقلاء ، لكن على الصبيان والمجانين .
( السابعة ) :
الجعفرية أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=15638جعفر بن مبشر وابن حرب ، زادوا : إن في فساق الأمة من هو شر من
الزنادقة والمجوس ، والإجماع على حد الشرب خطأ ، وسارق الحبة منخلع عن الإيمان .
( الثامنة ) : البشرية أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=15534بشر بن المعتمر ، قالوا : الأعراض من الطعوم والروائح وغيرها تقع متولدة ، والقدرة بسلامة البنية ، والله قادر على تعذيب الطفل ظالما .
( التاسعة ) :
المردارية وهم أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=12170أبي موسى عيسى بن صبيح المردار تلميذ بشر ، قالوا : إن الله قادر على الكذب والظلم ، ووقوع فعل بين فاعلين تولدا ، والناس قادرون على مثل القرآن وأحسن منه ، ويكفرون القائل بخلق الأعمال والرؤية .
( العاشرة ) :
الهشامية أصحاب
هشام بن عمر ، قالوا : لا يطلق اسم الوكيل على الله - تعالى - لاستدعائه موكلا ، ولا دلالة في القرآن على الحلال والحرام ، والإمامة لا تنعقد مع الاختلاف ، والجنة والنار لم تخلقا بعد ، ولم يقتل
[ ص: 79 ] عثمان ، ومن أفسد صلاة عقدها بشروطها ، فأول صلاته معصية .
( الحادية عشرة ) :
الصالحية وهم أصحاب
الصالح ، جوزوا قيام السمع والبصر ، والعلم والقدرة بالميت ، وخلو الجواهر عن الأعراض .
( الثانية عشرة ) :
الحائطية أصحاب
أحمد بن حائط من أصحاب
البطال ، قالوا : للعالم إلهان : قديم ، ومحدث ،
والمسيح هو الذي يحاسب الناس في الآخرة .
( الثالثة عشرة ) :
الحدبية أصحاب
فضل الحدبي ، زادوا التناسخ ، وأن كل حيوان مكلف ، بل قيل في كل نوع من الحيوان نبي من جنسه .
( الرابعة عشرة ) :
المعمرية أصحاب
معمر بن عباد السلمي ، قالوا : إن الله لا يخلق شيئا غير الأجسام ، ولا يوصف بالقدم ، ولا يعلم نفسه ، والإنسان لا فعل له غير الإرادة .
( الخامسة عشرة ) :
الثمامية أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=15613ثمامة بن أشرس النميري ، قالوا : الأفعال المتولدة لا فاعل لها ، والمعرفة متولدة من النظر ، وأنها واجبة قبل الشرع ،
واليهود والنصارى والمجوس والزنادقة يصيرون ترابا ، لا يدخلون جنة ولا نارا ، وكذا البهائم والأطفال ، والاستطاعة سلامة الآلة ، ومن لا يعلم خالقه من الكفار معذور ، ولا فعل للإنسان غير الإرادة ، وما عداها حادث بلا محدث ، والعالم فعل الله بطبعه .
( السادسة عشرة ) :
الخياطية أصحاب
أبي الحسن بن أبي عمر الخياط ، قالوا بالقدرة وتسمية المعدوم شيئا وجوهرا وعرضا ، وقالوا عن إرادة الله كونه غير مكره ولا كاره ، وهي في فعله الخلق ، وفي فعل العباد الأمر ، والسمع والبصر العلم بمتعلقهما .
( السابعة عشرة ) :
الجاحظية أتباع
nindex.php?page=showalam&ids=13974عمرو الجاحظ أبي عثمان بن بحر البصري المتكلم صاحب التآليف في كل فن ، وكان تلميذ
أبي إسحاق إبراهيم بن سيار البلخي المتكلم الذي تقدم ذكره ، قالوا : المعارف كلها ضرورية ، ولا إرادة في الشاهد ، والأجسام ذوات طبائع ، ويمتنع انعدام الجواهر ، والنار تجتذب إليها أهلها ، لا أن الله يدخلهم فيها ، والخير والشر
[ ص: 80 ] من فعل العبد ، والقرآن جسد ينقلب تارة رجلا وتارة امرأة .
( الثامنة عشرة ) :
الكعبية أصحاب
أبي القاسم عبد الله الكعبي ، قالوا : فعل الرب واقع بغير إرادته ، ولا يرى نفسه ولا غيره إلا بمعنى العلم .
( التاسعة عشرة ) :
الجبائية وهم شيعة
nindex.php?page=showalam&ids=13980أبي علي الجبائي ، قالوا : إرادة الله حادثة لا في محل ، والعالم يفنى فناء لا في محل ، والله متكلم بكلام يخلقه في جسم ، ولا يرى في الآخرة ، والعبد خالق فعله ، ومرتكب الكبيرة لا مؤمن ولا كافر ، وإذا مات بلا توبة يخلد في النار ، ولا كرامة للأولياء ، ويجب على الله إكمال عقل المكلف ، وإعداد أسباب التكليف له من بعث الرسل والمعجزة على يده . وشاركه ابن له - يعني
أبا علي - وهو أبو هاشم ، وانفرد
أبو علي بأن الله عالم بلا صفة ، وسمعه وبصره كونه حيا بلا آفة .
( العشرون ) :
الهاشمية فرقة
أبي هاشم ، قالوا : لا توبة عن كبيرة مع الإصرار على غيرها إذا كان عالما بقبحها ، ولا مع عدم القدرة عليها ، ولا يتعلق علم بمعلومين على التفصيل ، وأثبت لله خمس حالات : الحيية ، والعالمية ، والقادرية ، والموجودية ، والإلهية موجبة للأربعة ، فهذه العشرون فرقة المشهورة من فرق
أهل الاعتزال ، وكلها متصفة بالبدع والضلال .