لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية

السفاريني - محمد بن أحمد بن سالم السفاريني

صفحة جزء
ولما كانت الإرادة تتعلق بما تعلقت به القدرة من جميع الممكنات قال ( ( كذا ) ) أي مثل القدرة في التعلق بالممكنات ( ( إرادة ) ) وأنها أيضا إرادة واحدة كما مر وأن القدرة والإرادة غير متناهيتي المتعلقات كما قاله المتكلمون ، إلا أن تعلق القدرة بالممكنات تعلق إيجاد أو إعدام ، وتعلق الإرادة بها تعلق تخصيص كما تقدم .

والأولى التعويل في ثبوت عموم تعلق الإرادة على الأدلة السمعية مثل قوله تعالى إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون فإن قيل : يلزم من عموم تعلق الإرادة نفيها للزوم المحال وهو أن نسبة الإرادة إلى الفعل والترك وإلى جميع الأوقات على السواء إذ لو لم يجز تعلقها بالطرف الآخر وفي الوقت الآخر لزوم نفي القدرة والاختيار وإذا كانت على السواء فتعلقها بالفعل مثلا دون الترك وفي هذا الوقت دون غيره مفتقر إلى مرجح ومخصص لامتناع وقو ، الممكن بلا مرجح على رأي المتكلمين . فالجواب أن الإرادة تتعلق بالمراد لذاتها من غير افتقار إلى مرجح آخر لأنها صفة شأنها التخصيص والترجيح للمساوي والمرجوح . فإن قيل فمع تعلق الإرادة لا يبقى التمكن من الترك وينتفي الاختيار ، فالجواب أنه قد تقرر أن الوجوب بالاختيار محقق الاختيار ، ثم إنا نقول قد تقدم ما يرد مثل هذه الشبة في كلام شيخ الإسلام .

ومن المعلوم أن تعلق القدرة والإرادة بالممكنات بالنسبة إلى الذات ، وأما بعد التعلق والتخصيص فقد وقع ما وقع وامتنع ما امتنع ، وقال بعض محققي الأشاعرة : الإرادة تخصص ما تعلقت به وترجحه وعند وقوع المراد يزول تعلقها الحادث مع بقائها يعني القدرة بحالها وبقاء تعلقها الصلوحي بحاله أيضا ، قال : وللإرادة أيضا تعلقان أزلي صلوحي وحادث تنجيزي كما للقدرة سواء . وتقدم ما فيه والله أعلم .

التالي السابق


الخدمات العلمية