[ ص: 159 ] تنبيهات
" الأول " زعمت الفلاسفة أنه تعالى لا يعلم الجزيئات من حيث كونها جزيئات زمانية يلحقها التغير ، قالوا : لأن تغير المعلوم يستلزم تغير العلم ، وذلك يستلزم تغير الذات ، وهو محال على الله تعالى .
بيان لزوم ذلك أنه لو كان عالما بأن زيدا جالس في المكان الفلاني فعند خروج زيد منه فإما أن يبقى ذلك العلم أو لا ، فإن بقي لزم الجهل ، وإن كان الثاني لزم التغير في علمه ، وهو قائم به ، فيلزم قيام الحوادث به ، وهو محال . والجواب : اختيار الثاني ، ومنع التغير في نفس العلم ، فإن المتغير تعلقه لا نفسه ، وتغاير الإضافات والنسب جائز .
وأجاب الفلاسفة عن هذا مشايخ السنة ومشايخ المعتزلة بأن علم الباري بأن الشيء سيوجد نفس العلم بأنه وجد ، فإن من علم أن زيدا سيدخل البلد غدا ، فعند حصول الغد يعلم بهذا العلم أنه دخل البلد الآن ، وإنما يحتاج أحدنا لعلم آخر لطريان الغفلة عن الأول ، والباري منزه عن ذلك ، فلا يلزم من علمه بالجزئيات تغير أصلا في علمه تعالى .
وهذه إحدى ما كفر أهل الإسلام الفلاسفة بها . ولهم من أمثالها الطامات المعضلات فلا يهولنك ما ينسب إليهم من المعارف ودقائق الأفكار فما منهم إلا المخالف أو على شفا جرف هار .
التالي
السابق