المسألة السابعة في تعيين هذه الفرق
وهي مسألة - كما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي - طاشت فيها أحلام الخلق ، فكثير ممن تقدم وتأخر من العلماء عينوها، لكن في الطوائف التي خالفت في مسائل العقائد فمنهم من عد أصولها ثمانية ، فقال : كبار الفرق الإسلامية ثمانية : ( 1 )
المعتزلة و ( 2 )
الشيعة ، و ( 3 )
الخوارج ، و ( 4 )
المرجئة ، و ( 5 )
النجارية ، و ( 6 )
الجبرية و ( 7 )
المشبهة ، و ( 8 )
الناجية .
فأما
المعتزلة فافترقوا إلى عشرين فرقة وهم :
الواصلية ،
[ ص: 719 ] والعمرية ،
والهذيلية ،
والنظامية ،
والأسوارية ،
والإسكافية ،
والجعفرية ،
والبشرية ،
والمزدارية ،
والهشامية ،
والصالحية ،
والخطابية ،
والحدبية ،
والمعمرية ،
والثمامية ،
والخياطية ،
والجاحظية ،
والكعبية ، والجبائية ،
والبهشمية .
وأما
الشيعة فانقسموا أولا ثلاث فرق : غلاة .
وزيدية ،
وإمامية .
فالغلاة ثمان عشرة فرقة وهم :
السبئية ،
والكاملية ،
والبيانية ،
والمغيرية ،
والجناحية ،
والمنصورية ،
والخطابية ،
والغرابية ،
والذمية ،
والهشامية ،
والزرارية ،
واليونسية ،
والشيطانية ،
والرزامية ،
والمفوضة ،
والبدائية ،
والنصيرية ،
والإسماعيلية وهم :
الباطنية ،
والقرمطية ،
والخرمية ،
والسبعية ،
والبابكية ،
والحمدية .
وأما
الزيدية فهم ثلاث فرق :
الجارودية ،
والسليمانية ،
والبتيرية .
وأما
الإمامية ففرقة واحدة ، فالجميع اثنتان وأربعون فرقة .
وأما
الخوارج فسبع فرق ، وهم :
المحكمة ،
والبيهسية ،
والأزارقة ،
والنجدات .
والعبدية ،
والإباضية وهم أربع فرق :
الحفصية ،
واليزيدية ،
والحارثية ،
والمطيعية .
وأما
العجاردة فإحدى عشرة فرقة وهم :
الميمونة ،
والشعيبية ،
والحازمية ،
والحمزية ،
والمعلومية ،
والمجهولية ،
والصلتية ،
والثعلبية أربع فرق وهم :
الأخنسية ،
والمعبدية ،
والشيبانية ،
والمكرمية ، فالجميع اثنتان وستون .
وأما
المرجئة فخمس وهم :
العبيدية ،
واليونسية ،
والغسانية ،
[ ص: 720 ] والثوبانية ،
والتومنية .
وأما
النجارية فثلاث فرق وهم :
البرغوثية ،
والزعفرانية ،
والمستدركة .
وأما
الجبرية ففرقة واحدة ، وكذلك
المشبهة .
فالجميع اثنتان وسبعون فرقة ، فإذا أضيفت الفرقة الناجية إلى عدد الفرق صار الجميع ثلاثا وسبعين فرقة .
وهذا التعديد بحسب ما أعطته المنة في تكليف المطابقة للحديث الصحيح ، لا على القطع بأنه المراد ، إذ ليس على ذلك دليل شرعي ، ولا دل العقل أيضا على انحصار ما ذكر في تلك العدة من غير زيادة ولا نقصان ، كما أنه لا دليل على اختصاص تلك البدع بالعقائد ، وقال جماعة من العلماء :
أصول البدع أربعة ، وسائر الثنتين والسبعين فرقة عن هؤلاء تفرقوا ، وهم :
الخوارج ،
والروافض ،
والقدرية ،
والمرجئة .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17399يوسف بن أسباط : ثم تشعبت كل فرقة ثمان عشرة فرقة : فتلك اثنتان وسبعون فرقة ، والثالثة والسبعون هي الناجية .
وهذا التقدير نحو الأول ، ويرد عليه من الإشكال ما ورد على الأول .
فشرح ذلك الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14703أبو بكر الطرطوشي رحمه الله شرحا يقرب الأمر ، فقال : لم يرد علماؤنا بهذا التقدير أن أصل كل بدعة من هذه الأربع
[ ص: 721 ] تفرقت وتشعبت على مقتضى أصل البدع حتى تحملت تلك العدة ، لأن ذلك لعله لم يدخل في الوجود إلى الآن .
قال : وإنما أرادوا أن كل بدعة ضلالة لا تكاد توجد إلا في هذه الفرق الأربع ، وإن لم تكن البدعة الثانية فرعا للأولى ولا شعبة من شعبها ، بل هي بدعة مستقلة بنفسها ليست من الأولى بسبيل .
ثم بين ذلك بالمثال بأن التقدير أصل من أصول البدع ، ثم اختلف أهله في مسائل من شعب القدر ، وفي مسائل لا تعلق لها بالقدر ، فجميعهم متفقون على أن أفعال العباد مخلوقة لهم من دون الله تعالى .
ثم اختلفوا في فرع من فروع القدر . فقال أكثرهم : لا يكون فعل بين فعلين مخلوقين على التولد، وأحال مثله بين القديم والمحدث .
ثم اختلفوا فيما لا يعود إلى القدر في مسائل كثيرة . كاختلافهم في الصلاح والأصلح : فقال البغداديون منهم : يجب على الله تعالى فعل الصلاح لعباده في دينهم .
ويجب عليه ابتداء الخلق الذين علم أنه يكلفهم . ويجب عليه إكمال عقولهم وأقدارهم وإزاحة عللهم .
وقال البصريون منهم : لا يجب على الله إكمال عقولهم ولا أن يؤتيهم أسباب التكليف .
وقال البغداديون منهم : يجب على الله - تعالى عن قولهم - عقاب
[ ص: 722 ] العصاة إذا لم يتوبوا، والمغفرة من غير توبة سفه من الغافر .
وأما المصريون منهم ذلك .
وابتدع
nindex.php?page=showalam&ids=15638جعفر بن مبشر من استصر امرأة ليتزوجها فوثب عليها فوطئها بلا ولي ولا شهود ولا رضى ولا عقد حل له ذلك . وخالفه في ذلك سلفه .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15613ثمامة بن أشرس : إن الله يصير الكفار والملحدين وأطفال المشركين والمؤمنين والمجانين ترابا يوم القيامة لا يعذبهم ولا يرضيهم .
وهكذا ابتدعت كل فرقة من هذه الفرق بدعا تتعلق بأصل بدعتها التي هي معروفة بها . وبدعا لا تعلق لها بها .
فإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد بتفرق أمته أصول البدع التي تجري مجرى الأجناس للأنواع . والمعاقد للفروع لعلهم - والعلم عند الله - ما بلغوا هذا العدد إلى الآن . غير أن الزمان باق والتكليف قائم والخطرات متوقعة . وهل قرن أو عصر يخلو إلا وتحدث فيه البدع ؟
وإن كان أراد بالتفرق كل بدعة حدثت في دين الإسلام مما لا يلائم أصول الإسلام ولا تقبلها قواعده من غير التفات إلى التقسيم الذي ذكرنا كانت البدع أنواعا لأجناس ، أو كانت متغايرة الأصول والمباني .
فهذا هو الذي أراده عليه الصلاة والسلام - والعلم عند الله - فقد وجد من ذلك عدد أكثر من اثنتين وسبعين .
ووجه تصحيح الحديث على هذا ، أن يخرج من الحساب غلاة أهل البدع ، ولا يعدون من الأمة ولا في أهل القبلة ، كنفاة الأعراض من
القدرية [ ص: 723 ] لأنه لا طريق إلى معرفة حدوث العالم وإثبات الصانع إلا بثبوت الأعراض ،
وكالحلولية والنصيرية وأشباههم من الغلاة .
هذا ما قال
nindex.php?page=showalam&ids=14703الطرطوشي رحمه الله تعالى ، وهو حسن من التقرير ، غير أنه يبقى للنظر في كلامه مجالان :
أحدهما : أن ما اختار من أنه ليس المراد الأجناس ; فإن كان مراده أعيان البدع وقد ارتضى اعتبار البدع القولية والعملية ; فمشكل ، لأنا إذا اعتبرنا كل بدعة دقت أو جلت فكل من ابتدع بدعا كيف كانت لزم أن يكون هو ومن تابعه عليها فرقة ، فلا تقف في مائة ولا مائتين ، فضلا عن وقوعها في اثنتين وسبعين ، وأن البدع - كما قال - لا تزال تحدث مع مرور الأزمنة إلى قيام الساعة .
وقد مر من النقل ما يشعر بهذا المعنى ، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : ما من عام إلا والناس يحيون فيه بدعة ويميتون فيه سنة ، حتى تحيا البدع وتموت السنن . وهذا موجود في الواقع ، فإن البدع قد نشأت إلى الآن ولا تزال تكثر ، وإن فرضنا إزالة بدع الزائغين في العقائد كلها لكان الذي يبقى أكثر من اثنتين وسبعين فما قاله - والله أعلم - غير مخلص .
والثاني : أن حاصل كلامه أن هذه الفرق لم تتعين بعد ، بخلاف القول المتقدم ، وهو أصح في النظر ، لأن ذلك التعيين ليس عليه دليل ، والعقل لا يقتضيه . وأيضا فالمنازع له أن يتكلف من مسائل الخلاف التي بين
الأشعرية [ ص: 724 ] في قواعد العقائد فرقا يسميها ويبرئ نفسه وفرقته عن ذلك المحظور . فالأولى ما قاله من عدم التعيين . وإن سلمنا أن الدليل قام له على ذلك فلا ينبغي التعيين .
أما أولا : فإن الشريعة قد فهمنا منها أنها تشير إلى أوصافهم من غير تصريح ليحذر منها ، ويبقى الأمر في تعيين الداخلين في مقتضى الحديث مرجى ، وإنما ورد التعيين في النادر كما قال عليه الصلاة والسلام في
الخوارج :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005572إن من ضئضئ هذا قوما يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم الحديث ، مع أنه عليه الصلاة والسلام لم يعرف أنهم ممن شملهم حديث الفرق . وهذا الفصل مبسوط في كتاب الموافقات والحمد لله .
وأما ثانيا : فلأن عدم التعيين هو الذي ينبغي أن يلتزم ليكون سترا على الأمة كما سترت عليهم قبائحهم فلم يفضحوا في الدنيا في الغالب ، وأمرنا بالستر على المؤمنين ما لم تبد لنا صفحة الخلاف ، ليس كما ذكر عن
بني إسرائيل أنهم كانوا إذا أذنب أحدهم ليلا أصبح وعلى بابه معصية مكتوبة ، وكذلك في شأن قربانهم : فإنهم كانوا إذا قربوا لله قربانا فإن كان مقبولا عند الله نزلت نار من السماء فأكلته ، وإن لم يكن مقبولا لم تأكله النار ، وفي ذلك افتضاح المذنب . ومثل ذلك في الغنائم أيضا ، فكثير من هذه الأشياء خصت هذه الأمة بالستر فيها .
وأيضا ، فللستر حكمة أخرى ، وهي أنها لو أظهرت مع أن أصحابها من الأمة لكان في ذلك داع إلى الفرقة وعدم الألفة التي أمر الله ورسوله
[ ص: 725 ] بها ، حيث قال تعالى :
واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وقال تعالى :
فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وقال تعالى :
ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات وفي الحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005573لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005574وأمر عليه الصلاة والسلام بإصلاح ذات البين ، وأخبر أن فساد ذات البين هي الحالقة التي تحلق الدين .
فإذا كان من مقتضى العادة أن التعريف بهم على التعيين يورث العداوة بينهم والفرقة ، لزم من ذلك أن يكون منهيا عنه ، إلا أن تكون البدعة فاحشة جدا كبدعة
الخوارج ، وذكرهم بعلامتهم حتى يعرفوا ، ويلحق بذلك ما هو مثله في الشناعة أو قريب منه بحسب نظر المجتهد ، وما عدا ذلك فالسكوت عنه أولى .
وخرج
أبو داود عن
عمرو بن أبي قرة قال :
كان
حذيفة بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول الله لأناس من أصحابه في الغضب ، فينطلق ناس ممن سمع ذلك من
حذيفة فيأتون
سلمان فيذكرون له قول
حذيفة فيقول
سلمان :
حذيفة أعلم بما يقول فيرجعون إلى
حذيفة [ ص: 726 ] فيقولون له : قد ذكرنا قولك إلى
سلمان فما صدقك ولا كذبك . فأتى
حذيفة سلمان وهو في مبقلة فقال : يا
سلمان ! ما يمنعك أن تصدقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول لناس من أصحابه ويرضى فيقول في الرضى : أما تنتهي حتى تورث رجالا حب رجال ورجالا بغض رجال . وحتى توقع اختلافا وفرقة ؟ ولقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005575أيما رجل سببته سبة أو لعنته لعنة في غضبي فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون، وإنما بعثني الله رحمة للعالمين أجعلها عليهم صلاة يوم القيامة . فوالله لتنتهين أو أكتبن إلى
عمر .
فتأملوا ما أحسن هذا الفقه من
سلمان - رضي الله عنه - ! وهو جار في مسألتنا ، فمن هنا لا ينبغي للراسخ في العلم أن يقول : هؤلاء الفرق هم بنو فلان وبنو فلان ! وإن كان يعرفهم بعلامتهم بحسب اجتهاده ، اللهم إلا في موطنين :
أحدهما : حيث نبه الشرع على تعيينهم
كالخوارج ، فإنه ظهر من استقرائه أنهم متمكنون تحت حديث الفرق ، ويجري مجراهم من سلك سبيلهم ، فإن أقرب الناس إليهم شيعة
المهدي المغربي ، فإنه ظهر فيهم
[ ص: 727 ] الأمران اللذان عرف النبي صلى الله عليه وسلم بهما في
الخوارج من أنهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، وأنهم يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان ، فإنهم أخذوا أنفسهم بقراءة القرآن وإقرائه حتى ابتدعوا فيه ثم لم يتفقهوا فيه ، ولا عرفوا مقاصده . ولذلك طرحوا كتب العلماء وسموها كتب الرأي وخرقوها ومزقوا أدمها ، مع أن الفقهاء هم الذين بينوا في كتبهم معاني الكتاب والسنة على الوجه الذي ينبغي ، وأخذوا في قتال أهل الإسلام بتأويل فاسد ، زعموا عليهم أنهم مجسمون وأنهم غير موحدين ، وتركوا الانفراد بقتال أهل الكفر من النصارى والمجاورين لهم وغيرهم .
فقد اشتهر في الأخبار والآثار ما كان من خروجهم على
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعلى من بعده
nindex.php?page=showalam&ids=16673كعمر بن عبد العزيز رحمه الله وغيرهم ، حتى لقد روي في حديث خرجه
البغوي في معجمه عن
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال أن عبادة بن قرط غزا فمكث في غزاته تلك ما شاء الله ، ثم رجع مع المسلمين منذ زمان فقصد نحو الأذان يريد الصلاة فإذا هو بالأزارقة - صنف من الخوارج - فلما رأوه قالوا : ما جاء بك يا عدو الله ؟ قال : ما أنتم يا إخوتي ؟ قالوا : أنت أخو الشيطان ، لنقتلنك . قال . ما ترضون مني بما رضي به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : وأي شيء رضي به منك ؟ قال : أتيته وأنا كافر فشهدت أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله فخلى عني - قال - فأخذوه فقتلوه .
وأما عدم فهمهم للقرآن فقد تقدم بيانه ، وقد جاء في
القدرية حديث خرجه
أبو داود عن
ابن عمرو - رضي الله عنهما - ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005577القدرية مجوس هذه الأمة ، إن مرضوا فلا تعودوهم ، وإن [ ص: 728 ] ماتوا فلا تشهدوهم .
وعن
حذيفة - رضي الله عنه - أنه عليه الصلاة والسلام قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005578لكل أمة مجوس، ومجوس هذه الأمة الذين يقولون : لا قدر ، من مات منهم فلا تشهدوا جنازته ومن مرض منهم فلا تعودوه ، وهم شيعة الدجال ، وحق على الله أن يلحقهم بالدجال وهذا الحديث غير صحيح عند أهل النقل . قال صاحب المغني : لم يصح في ذلك شيء . نعم قول
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر nindex.php?page=showalam&ids=17344ليحيى بن يعمر حين أخبره أن القول بالقدر قد ظهر : إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وهم برآء مني ، ثم استدل بحديث
جبريل - صحيح لا إشكال في صحته .
خرج
أبو داود أيضا من حديث
عمر - رضي الله عنه - ، عن النبي صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005579لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم [ ص: 729 ] ولم يصح أيضا .
وخرج
ابن وهب عن
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005580قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : صنفان من أمتي لا سهم لهم في الإسلام يوم القيامة : المرجئة والقدرية ، و
عن nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل وغيره يرفعه قال : لعنت القدرية والمرجئة على لسان سبعين نبيا آخرهم محمد صلى الله عليه وسلم . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد بن جبر :
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : سيكون من أمتي قدرية وزنديقية أولئك مجوس .
وعن
نافع قال : بينما نحن عند
عبد الله بن عمر نعوده إذ جاء رجل فقال : إن فلانا يقرأ عليك السلام - لرجل من أهل الشام - فقال
عبد الله : بلغني أنه قد أحدث حدثا ، فإن كان كذلك فلا تقرأن عليه السلام . سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005583سيكون في أمتي مسخ وخسف وهو في الزنديقية .
وعن
ابن الديلمي قال : أتينا
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي بن كعب فقلت له : وقع في نفسي شيء من القدر فحدثني لعل الله يذهبه من قلبي فقال : لو أن الله عذب أهل سماواته وأهل أرضه عذبهم وهو غير ظالم لهم ، ولو رحمهم كانت رحمته خيرا لهم من أعمالهم ، ولو أنفقت مثل أحد ذهبا في سبيل
[ ص: 730 ] الله ما قبله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك ، ولو مت على غير هذا لدخلت النار . قال : ثم أتيت
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فقال لي مثل ذلك . قال : ثم أتيت
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان فقال مثل ذلك . وفي بعض الحديث :
لا تكلموا في القدر فإنه سر الله وهذا كله أيضا غير صحيح .
وجاء في
المرجئة والجهمية شيء لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلا تعديل عليه .
نعم نقل المفسرون أن قوله تعالى :
يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر نزل في أهل القدر . فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005585أتى مشركوا قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه في القدر فنزلت الآية . وروى
مجاهد وغيره أنها نزلت في المكذبين بالقدر ، ولكن إن صح ففيه دليل ، وإلا فليس في الآية ما يعين أنهم من الفرق ، وكلامنا فيه .
والثاني : حيث تكون الفرقة تدعو إلى ضلالتها وتزيينها في قلوب العوام ومن لا علم عنده ، فإن ضرر هؤلاء على المسلمين كضرر إبليس ،
[ ص: 731 ] وهم من شياطين الإنس ، فلابد من التصريح بأنهم من أهل البدعة والضلالة ، ونسبتهم إلى الفرق إذا قامت له الشهود على أنهم منهم . كما اشتهر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد وغيره . فروى
nindex.php?page=showalam&ids=16274عاصم الأحول . قال : جلست إلى
قتادة فذكر
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد فوقع فيه ونال منه . فقلت :
أبا الخطاب : ألا أرى العلماء يقع بعضهم في بعض ؟ فقال : يا أحول أولا تدري أن الرجل إذا ابتدع بدعة فينبغي لها أن تذكر حتى تحذر ؟ فجئت من عند
قتادة وأنا مغتم بما سمعت من
قتادة في
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد ، وما رأيت من نسكه وهديه ، فوضعت رأسي نصف النهار وإذا
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد والمصحف في حجره وهو يحك آية من كتاب الله . فقلت : سبحان الله ! تحك آية من كتاب الله ؟ قال إني سأعيدها . قال : فتركته حتى حكها . فقلت له : أعدها . فقال : لا أستطيع .
فمثل هؤلاء لابد من ذكرهم والتشريد بهم ، لأن ما يعود على المسلمين من ضررهم إذا تركوا ، أعظم من الضرر الحاصل بذكرهم والتنفير عنهم إذا كان سبب ترك التعيين الخوف من التفرق والعدواة . ولا شك أن التفريق بين المسلمين وبين الداعين للبدعة وحدهم - إذا أقيم - عليهم أسهل من التفرق بين المسلمين وبين الداعين ومن شايعهم واتبعهم ، وإذا تعارض الضرران يرتكب أخفهما وأسهلهما ، وبعض الشر أهون من جميعه ، كقطع اليد المتآكلة ، إتلافها أسهل من إتلاف النفس . وهذا شأن الشرع أبدا : يطرح حكم الأخف وقاية من الأثقل .
فإذا فقد الأمران فلا ينبغي أن يذكروا ولا أن يعينوا إن وجدوا ، لأن ذلك أول مثير للشر وإلقاء العداوة والبغضاء ، ومتى حصل باليد منهم أحد
[ ص: 732 ] ذاكره برفق ، ولم يره أنه خارج من السنة ، بل يريه أنه مخالف للدليل الشرعي ، وأن الصواب الموافق للسنة كذا وكذا . فإن فعل ذلك من غير تعصب ولا إظهار غلبة فهو الحج ، وبهذه الطريقة دعي الخلق أولا إلى الله تعالى ، حتى [ إذا ] عاندوا وأشاعوا الخلاف وأظهروا الفرقة قوبلوا بحسب ذلك .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14847الغزالي في بعض كتبه : أكثر الجهالات إنما رسخت في قلوب العوام بتعصب جماعة من جهال أهل الحق ، أظهروا الحق في معرض التحدي والإدلال ونظروا إلى ضعفاء الخصوم بعين التحقير والازدراء ، فثارت من بواطنهم دواعي المعاندة والمخالفة ، ورسخت في قلوبهم الاعتقادات الباطلة ، وتعذر على العلماء المتلطفين محوها مع ظهور فسادها ، حتى انتهى التعصب بطائفة إلى أن اعتقدوا أن الحروف التي نطقوا بها في الحال بعد السكوت عنها طول العمر قديمة . ولولا استيلاء الشيطان بواسطة العناد والتعصب للأهواء ، لما وجد مثل هذا الاعتقاد مستنفرا في قلب مجنون فضلا عن قلب عاقل .
هذا ما قال . وهو الحق الذي تشهد له العوائد الجارية فالواجب تسكين الثائرة ما قدر على ذلك . والله أعلم .