وثم معنى آخر قد يكون من فوائد تنبيه الحديث بمثال داء الكلب وهي : المسألة الثالثة والعشرون
وهو التنبيه على السبب في
بعد صاحب البدعة عن التوبة ، إذ كان مثل المعاصي الواقعة بأعمال العباد قولا أو فعلا أو اعتقادا ، كمثل الأمراض النازلة بجسمه أو روحه ، فأدوية الأمراض البدنية معلومة ، وأدوية الأمراض العملية التوبة والأعمال الصالحة ، وكما أن من الأمراض البدنية ما يمكن فيه التداوي ، ومنه ما لا يمكن فيه التداوي أو يعسر ، كذلك الكلب الذي في أمراض الأعمال ، فمنها ما يمكن فيه التوبة عادة ، ومنها ما لا يمكن .
فالمعاصي كلها - غير البدع - يمكن فيها التوبة من أعلاها ، وهي الكبائر - إلى أدناها - وهي اللمم - والبدع أخبرنا فيها إخبارين كلاهما يفيد أن لا توبة منها .
الإخبار الأول : ما تقدم في ذم البدع من أن المبتدع لا توبة له ، من غير تخصيص .
والآخر : ما نحن في تفسيره ، وهو تشبيه البدع بما لا نجح فيه من الأمراض كالكلب ، فأفاد أن لا نجح من ذنب البدع في الجملة من غير اقتضاء عموم ، بل اقتضى أن عدم التوبة مخصوص بمن تجارى به الهوى كما يتجارى الكلب بصاحبه ، وقد مر أن من أولئك من يتجارى به الهوى على ذلك الوجه وتبين الشاهد عليه . ونشأ من ذلك معنى زائد هو من فوائد الحديث ، وهي :