وأما البراءة منه :
ففي قوله : (
إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء ) .
[ ص: 172 ] وفي الحديث :
أنا بريء منهم وهم براء مني . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر رضي الله عنه في
أهل القدر : " إذا لقيت أولئك; فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم براء مني " .
وجاء عن
الحسن : "
لا تجالس صاحب بدعة ; فإنه يمرض قلبك " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16004سفيان الثوري : " من جالس صاحب بدعة; لم يسلم من إحدى ثلاث : إما أن يكون فتنة لغيره ، وإما أن يقع بقلبه شيء يزل به فيدخله النار ، وإما أن يقول : والله لا أبالي ما تكلموا به ، وإني واثق بنفسي ، فمن أمن الله طرفة عين على دينه; سلبه إياه " .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=17298يحيى بن أبي كثير ; قال : " إذا لقيت صاحب بدعة في طريق; فخذ في طريق آخر " . وعن
أبي قلابة ; قال : " لا تجالسوا أهل الأهواء ، ولا تجادلوهم; فإني لا آمن أن يغمروكم في ضلالتهم ، ويلبسوا عليكم ما كنتم تعرفون " . وعن
إبراهيم ; قال : " لا تجالسوا أصحاب الأهواء ، ولا تكلموهم; فإني أخاف أن ترتد قلوبكم " ، والآثار في ذلك كثيرة .
ويعضدها ما روي عنه عليه السلام أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1005275المرء على دين خليله ، فلينظر أحدكم من يخالل .
ووجه ذلك ظاهر منبه عليه في كلام
أبي قلابة ، إذ قد يكون المرء
[ ص: 173 ] على يقين من أمر من أمور السنة ، فيلقي له صاحب الهوى فيه هوى مما يحتمله اللفظ لا أصل له ، أو يزيد له فيه قيدا من رأيه ، فيقبله قلبه ، فإذا رجع إلى ما كان يعرفه; وجده مظلما; فإما أن يشعر به; فيرده بالعلم ، أو لا يقدر على رده ، وإما أن لا يشعر به; فيمضي مع من هلك .
قال
ابن وهب : " وسمعت
مالكا إذ جاءه بعض أهل الأهواء يقول : أما أنا; فعلى بينة من ربي ، وأما أنت فشاك ، فاذهب إلى شاك مثلك فخاصمه ، ثم قرأ : (
قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة )
. فهذا شأن من تقدم من عدم تمكين زائغ القلب أن يسمع كلامه .
ومثل رده بالعلم : جوابه لمن سأله في قوله : (
الرحمن على العرش استوى ) كيف استوى ؟ فقال له : " الاستواء معلوم ، والكيف مجهول ، والسؤال عنه بدعة ، وأراك صاحب بدعة " ، ثم أمر بإخراج السائل .
ومثل ما لا يقدر على رده : ما حكى
الباجي ; قال : قال
مالك : " كان يقال : لا تمكن زائغ القلب من أذنك ، فإنك لا تدري ما يعلقك من ذلك " .
ولقد سمع رجل من
الأنصار من أهل
المدينة شيئا من بعض
أهل القدر ، فعلق قلبه ، فكان يأتي إخوانه الذين يستنصحهم ، فإذا نهوه; قال : " فكيف بما علق قلبي لو علمت أن الله يرضى أن ألقي نفسي من فوق هذه المنارة; فعلت " .
ثم حكي أيضا عن
مالك أنه قال : " لا تجالس القدري ولا تكلمه;
[ ص: 174 ] إلا أن تجلس إليه ، فتغلظ عليه ، لقوله : (
لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ) ، فلا توادوهم " .