وخمسة منهم أولو العزم الأولى في سورة الأحزاب والشورى تلا
( وخمسة منهم ) أي من
الرسل ( أولو ) أي أصحاب ( العزم ) يعني الجزم والجد والصبر وكمال العقل ، ولم يرسل الله تعالى من رسول إلا وهذه الصفات فيه مجتمعة ، غير أن هؤلاء الخمسة أصحاب الشرائع المشهورة كانت هذه الصفات فيهم أكمل وأعظم من غيرهم ؛ لذا خصوا بالذكر ( في سورة الأحزاب ) يعني قوله تعالى : (
وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم ) ( الأحزاب : 7 ) فذكر تعالى أخذه الميثاق على جميع النبيين جملة ونص منهم على هؤلاء الخمسة
محمد صلى الله عليه وسلم وهو خاتمهم
ونوح وهو فاتحهم
وإبراهيم وموسى وعيسى وهم بينهما ( و ) كذا ذكرهم على وجه التخصيص في سورة ( الشورى ) إذ يقول تعالى : (
شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه ) ( الشورى : 13 ) .
وهؤلاء الخمسة هم
الذين يتراجعون الشفاعة بعد أبيهم آدم عليه السلام حتى تنتهي إلى نبينا
محمد صلى الله عليه وسلم فيقول : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024882أنا لها " كما سيأتي بيان ذلك في موضعه إن شاء الله . ( وإذ
أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح ) الأحزاب : 7 ) الآية . قال النبي صلى الله عليه وسلم : "
كنت أول النبيين في الخلق وآخرهم في البعث ، فبدأ بي قبلهم " . وفيه ضعف ويروى مرسلا وموقوفا على
قتادة ،
وللبزار عنه رضي الله عنه موقوفا عليه قال : "
خيار ولد آدم خمسة : نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد " صلى الله عليه وسلم [ ص: 680 ] وعليهم أجمعين ، وخيرهم
محمد صلى الله عليه وسلم ، والقول بأن أولي العزم هم هؤلاء الخمسة هو قول
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس وقتادة ومن وافقهما وهو الأشهر ، وقال
الكلبي : هم الذين أمروا بالجهاد وأظهروا المكاشفة مع أعداء الدين ، وقيل هم ستة :
نوح وهود وصالح ولوط وشعيب وموسى عليهم السلام ، وهم المذكورون على النسق في سورة الأعراف وهود والشعراء . وقال
مقاتل : هم ستة :
نوح صبر على أذى قومه
وإبراهيم صبر على النار
وإسماعيل صبر على الذبح
ويعقوب صبر على فقد ولده وذهاب بصره
ويوسف صبر على البئر والسجن
وأيوب صبر على الضر .
قلت : وقوله
إسحاق صبر على الذبح هو قول مرجوح أو مردود وإنما كان الذبيح
إسماعيل عليه السلام كما في سورة الصافات وهود .
وقال
ابن زيد : كل الرسل كانوا أولي عزم لم يبعث الله نبيا إلا كان ذا عزم وحزم ورأي وكمال عقل ، وإنما أدخلت من للتجنيس لا للتبعيض كما يقال : اشتريت أكسية من الخز وأردية من البز ، وقال قوم هم نجباء الرسل المذكورون في سورة الأنعام وهم ثمانية عشر لقوله تعالى بعد ذكرهم : (
أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده ) ( الأنعام : 90 ) .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم بسنده عن
مسروق قال :
قالت عائشة رضي الله عنها : ظل رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما ثم طواه ثم ظل صائما ثم طواه ثم ظل صائما ثم قال : " يا عائشة ، إن الدنيا لا تنبغي لمحمد ولا لآل محمد ، يا عائشة إن الله تعالى لم يرض من أولي العزم من الرسل إلا بالصبر على مكروهها والصبر على محبوبها ، ثم لم يرض مني أن يكلفني ما كلفهم فقال : ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل ) ( الأحقاف : 35 ) وإني والله لأصبرن كما صبروا جهدي ، ولا قوة إلا بالله " .