[ ص: 943 ] والمقصود
أن الله - سبحانه - في جميع تصرفاته في عباده فاعل حقيقة ، والعبد منفعل حقيقة ، فمن أضاف الفعل والانفعال كلاهما إلى المخلوق كفر ، ومن أضافهما كلاهما إلى الله تعالى كفر ، ومن أضاف الفعل إلى الله تعالى حقيقة ، والانفعال إلى المخلوق حقيقة كما أضافها الله تعالى فهو المؤمن حقيقة .
فالأول
قول القدرية النفاة ، وأول من أحدثه في هذه الأمة
nindex.php?page=showalam&ids=17115معبد الجهني في آخر عصر الصحابة كما قدمنا ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17344يحيى بن يعمر في سياق حديث
جبريل السابق في سؤاله النبي - صلى الله عليه وسلم ، عن الدين ، وأنكر عليه ذلك بقية الصحابة وأئمة التابعين ، وتبرءوا من هذا الاعتقاد وكفروا منتحليه ونفوا عنه الإيمان ، وأوصى بعضهم بعضا بمجانبته والفرار من مجالسته ، ثم تقلد عنه ذلك المذهب الفاسد والسنة السيئة التي انتحلها هو ورءوس
المعتزلة وأئمتهم المضلون
nindex.php?page=showalam&ids=17263كواصل بن عطاء الغزال nindex.php?page=showalam&ids=16711وعمرو بن عبيد ، ومن في معناهم وعلى طريقتهم ، حتى بالغ بعضهم فأنكر علم الله تعالى وأنكر كتابة المقادير السابقة ، وجعل العباد هم الخالقين لأفعالهم ، ولهذا كانوا هم مجوس هذه الأمة ، فأما
nindex.php?page=showalam&ids=17263واصل بن عطاء فقال فيه
nindex.php?page=showalam&ids=11886أبو الفتح الأزدي : رجل سوء كافر ، قال
الذهبي : كان من أجلاد
المعتزلة ، ولد سنة ثمانين
بالمدينة ، ومما قيل فيه :
ويجعل البر قمحا في تصرفه وخالف الراء حتى احتال للشعر ولم يطق مطرا في القول يجعله
فعاذ بالغيث إشفاقا من المطر
.
وكان يتوقف في عدالة أهل الجمل ويقول : إحدى الطائفتين فسقت لا بعينها ، فلو شهدت عندي
عائشة وعلي وطلحة على باقة بقل لم أحكم بشهادتهم . هلك سنة إحدى وثلاثين ومائة . وأما
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد فهو ابن ثوبان [ ص: 944 ] ويقال
ابن كيسان التيمي مولاهم
أبو عثمان البصري من أبناء
فارس ، قال
ابن كثير : هو شيخ
القدرية والمعتزلة ، روى الحديث عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري وعبيد الله بن أنس وأبي العالية وأبي قلابة ، وعنه الحمادان
nindex.php?page=showalam&ids=16008وسفيان بن عيينة nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش ، وكان من أقرانه
nindex.php?page=showalam&ids=16501وعبد الوارث بن سعيد nindex.php?page=showalam&ids=13675وهارون بن موسى nindex.php?page=showalam&ids=17293ويحيى القطان nindex.php?page=showalam&ids=17360ويزيد بن زريع . قال الإمام
أحمد : ليس بأهل أن يحدث عنه ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16604علي بن المديني nindex.php?page=showalam&ids=17336ويحيى بن معين : ليس بشيء . وزاد
nindex.php?page=showalam&ids=17336ابن معين : وكان رجل سوء ، وكان من
الدهرية الذين يقولون إنما الناس مثل الزرع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14923الفلاس : متروك صاحب بدعة ، كان
nindex.php?page=showalam&ids=17293يحيى القطان يحدثنا عنه ثم تركه ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=16349ابن مهدي لا يحدث عنه ، وقال
أبو حاتم : متروك ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : ليس بثقة ، وقال
شعبة ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=17419يونس بن عبيد : كان
nindex.php?page=showalam&ids=16711عمرو بن عبيد يكذب في الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15744حماد بن سلمة : قال لي
حميد : لا تأخذ عنه ، فإنه كان يكذب على
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري . وكذا قال
أيوب وعوف بن عون ، وقال
أيوب : ما كنت أعد له عقلا ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17096مطر الوراق : والله ، لا أصدقه في شيء ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16418ابن المبارك : إنما تركوا حديثه ; لأنه كان يدعو إلى القدر ، وقد ضعفه غير واحد من أئمة الجرح والتعديل ، وأثنى عليه آخرون في عبادته وزهده وتقشفه ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري : هذا سيد شباب القراء ما لم يحدث ، قالوا : فأحدث والله أشد الحدث ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13053ابن حبان : كان من أهل الورع والعبادة إلى أن أحدث ما أحدث ، واعتزل مجلس
الحسن هو وجماعة معه ، فسموا
المعتزلة ، وكان يشتم الصحابة ويكذب في الحديث وهما لا تعمدا ، وقد روي عنه أنه قال : إن كانت (
تبت يدا أبي لهب ) ، ( المسد 1 ) في اللوح ، فما تعد منه على ابن آدم حجة . وروي له حديث
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود ، حدثنا الصادق المصدوق :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025349إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما ، حتى قال : فيؤمر بأربع كلمات : رزقه ، وأجله ، وعمله ، وشقي ، أو سعيد . . . إلى آخره ، فقال : لو سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش يرويه لكذبته ، ولو سمعته من
nindex.php?page=showalam&ids=15950زيد بن وهب لما أحببته ، ولو سمعته من
nindex.php?page=showalam&ids=10ابن مسعود لما قبلته ، ولو سمعته من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لرددته ، ولو سمعت الله يقول
[ ص: 945 ] هذا لقلت : ما على هذا أخذت علينا الميثاق . وهذا من أقبح الكفر ، لعنه الله إن كان قال هذا ، وإذا كان مكذوبا عليه فعلى من كذبه عليه ما يستحقه . وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16418عبد الله بن المبارك - رحمه الله تعالى :
أيها الطالب علما ائت حماد بن زيد
فخذ العلم بحلم ثم قيده بقيد
وذر البدعة من آثار عمرو بن عبيد
.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13357ابن عدي : كان
عمرو يغر الناس بتقشفه ، وهو مذموم ضعيف الحديث جدا ، معلن بالبدع . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14269الدارقطني : ضعيف الحديث . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14231الخطيب البغدادي : جالس
الحسن واشتهر بصحبته ، ثم أزاله
nindex.php?page=showalam&ids=17263واصل بن عطاء عن مذهب أهل السنة ، وقال بالقدر ودعا إليه ، واعتزل أصحاب الحديث رحمهم الله تعالى .
ثم توارث
القدرية هذا المذهب الفاسد بعد هؤلاء وتواصوا به ، ثم منهم من نفى علم الله تعالى كأوليهم ، ففيهم من نفى علمه بالكليات والجزئيات ، ومنهم من أثبت العلم بالكليات دون الجزئيات ، ثم افترقوا في أفعال الله كما افترقوا في علمه :
ففرقة قالت : كل أفعال العباد ليست مقدورة لله ولا مخلوقة له ، لا خيرها ولا شرها .
والأخرى قالت : الخير من أفعالهم مخلوق له تعالى ومقدور له ، وأما الشر فليس عندهم مخلوقا لله ولا مقدورا له ، فأثبتوا نصف القدر ونفوا نصفه ، وأثبتوا خالقين ، فهم في الحقيقة مجوس ثنوية ، بل أعظم منهم ، فإن الثنوية أثبتوا خالقين للكون كله ، وهؤلاء أثبتوا خالقين لكل فرد من الأفراد ، ولكل فعل من الأفعال ، بل جعلوا المخلوقين كلهم خالقين ، ولولا تناقضهم ، لكانوا أكفر من المجوس ، فإن اطراد قولهم ولازمه وحاصله هو إخراج أفعال العباد عن خلق الله - عز وجل - وملكه ، وأنها ليست داخلة في ربوبيته - عز وجل ، وأنه يكون في ملكه ما
[ ص: 946 ] لا يريد ويريد ما لا يكون ، وأنهم أغنياء عن الله - عز وجل - فلا يستعينون على طاعته ولا ترك معصيته ، ولا يعوذون به من شرور أنفسهم ولا سيئات أعمالهم ، ولا يستهدونه الصراط المستقيم ، فقول إياك نعبد وإياك نستعين ، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله لا معنى له عندهم ، وربما استنكروه كما جحدوا قوله تعالى : (
من يشأ الله يضلله ومن يشأ يجعله على صراط مستقيم ) ، ( الأنعام 39 ) هذا مع إنكارهم علم الله - عز وجل - وقدرته ومشيئته وإرادته ، وغير ذلك من صفاته - تبارك وتعالى - عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا .