[ ص: 1004 ] ( فصل ) : ست مسائل تتعلق بمباحث الدين .
في مسائل تتعلق بما تقدم من مباحث الدين :
( الأولى ) : كون الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية .
( والثانية ) : تفاضل أهله فيه .
( والثالثة ) : أن فاسق أهل الملة الإسلامية ، لا يكفر بذنب دون الشرك ولوازمه إلا إذا استحله .
( والرابعة ) : أنه لا يخلد في النار .
( والخامسة ) : أنه في العقاب وعدمه تحت المشيئة .
( والسادسة ) : أن التوبة في حق كل فرد مقبولة ، ما لم يغرغر سواء من كفر أو دونه من أي ذنب كان .
1 - الإيمان يزيد وينقص .
إيماننا يزيد بالطاعات ونقصه يكون بالزلات
.
هذه هي المسألة الأولى من مسائل الفصل ، وهي أن
الإيمان يزيد وينقص ، وعلى ذلك ترجم
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله تعالى - في كتابه ، فقال في جامعه كتاب
[ ص: 1005 ] الإيمان ، باب : قول النبي - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024775بني الإسلام على خمس ، وهو قول وفعل ، ويزيد وينقص ، قال الله تعالى : (
ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم ) ، ( الفتح 4 ) ، (
وزدناهم هدى ) ، ( الكهف 13 ) ، (
ويزيد الله الذين اهتدوا هدى ) ، ( مريم 76 ) ، وقال تعالى : (
والذين اهتدوا زادهم هدى وآتاهم تقواهم ) ، ( محمد 17 ) ، (
ويزداد الذين آمنوا إيمانا ) ، ( المدثر 31 ) ، وقوله تعالى : (
وما زادهم إلا إيمانا وتسليما ) ، ( الأحزاب 22 ) .
وقال
الترمذي - رحمه الله تعالى : باب في استكمال الإيمان والزيادة والنقصان ، وساق فيه حديث
عائشة - رضي الله عنها - قالت : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1024830إن أكمل المؤمنين إيمانا أحسنهم خلقا وألطفهم بأهله ، وحديث :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025406يا معشر النساء تصدقن . . . الخ ، وهو في الصحيحين ، والشاهد منه قوله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025407ما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذوي الألباب وذوي الرأي منكن .
وذكر حديث
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، وهو في الصحيحين أيضا قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025408الإيمان بضع وسبعون بابا ، فأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، وأرفعها قول لا إله إلا الله . هذا لفظ
الترمذي ، وقال : حسن صحيح ، ولفظه " بضع وستون " .
ولمسلم رواية " بضع وسبعون " لكن قالا : " شعبة " بدل " بابا " .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي : باب زيادة الإيمان ، وذكر فيه حديث الشفاعة ، ودلالته منطوقا
[ ص: 1006 ] على تفاضل أهل الإيمان فيه ، وأما الزيادة والنقص ، فدلالته عليها مفهوما لا منطوقا .
ومثله حديث
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري : nindex.php?page=hadith&LINKID=1025409رأيت الناس وعليهم قمص ، منها ما يبلغ الثدي . الحديث ، وفيه :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025410وعرض علي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وعليه قميص يجره ، قالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : الدين . ثم ذكر حديث
عمر في نزول قوله تعالى : (
اليوم أكملت لكم دينكم ) ، ( المائدة 3 ) ، ودلالتها على ذلك منطوقا ، وعلى ذلك ترجم
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله تعالى - وقال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=14106الحسن بن الصباح ، سمع
nindex.php?page=showalam&ids=15637جعفر بن عون ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=11882أبو العميس قال : أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=16836قيس بن مسلم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16243طارق بن شهاب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن رجلا من
اليهود قال له : يا أمير المؤمنين ، آية في كتابكم تقرءونها ، لو علينا معشر
اليهود نزلت ، لاتخذنا ذلك اليوم عيدا . قال : أي آية ؟ قال : (
اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ) ، ( المائدة 3 ) ، قال
عمر : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم بعرفة يوم جمعة . وعلى ذلك ترجم
أبو داود وغيره من أئمة السنة ، وساقوا في ذلك أحاديث تتضمنه منطوقا ومفهوما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم بن الحجاج - رحمه الله تعالى : حدثنا
يحيى بن يحيى التيمي وقطن بن نسير ، واللفظ
ليحيى ، أخبرنا
nindex.php?page=showalam&ids=15635جعفر بن سليمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=13999سعيد بن إياس الجريري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025411عن حنظلة الأسيدي قال ، وكان من كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : لقيني أبو بكر - رضي الله عنه - فقال : كيف أنت يا حنظلة ؟ قال قلت : نافق حنظلة . قال : سبحان الله ، ما تقول ؟ قال قلت : نكون عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرنا بالنار والجنة حتى كأنا رأي عين ، فإذا خرجنا من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، عافسنا الأزواج [ ص: 1007 ] والأولاد الصغار ، فنسينا كثيرا . قال أبو بكر - رضي الله عنه : فوالله ، إنا لنلقى مثل هذا . فانطلقت أنا وأبو بكر حتى دخلنا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلت : نافق حنظلة يا رسول الله . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : وما ذاك ؟ قلت : يا رسول الله ، نكون عندك تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك ، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيرا . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ، أن لو تدومون على ما تكونون عندي وفي الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ، ولكن يا حنظلة ، ساعة وساعة . ثلاث مرات .
حدثني
nindex.php?page=showalam&ids=15106إسحاق بن منصور ، أخبرنا
عبد الصمد ، سمعت أبي يحدث ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13999سعيد الجريري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12081أبي عثمان النهدي ،
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025412عن حنظلة قال : كنا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فوعظنا ، فذكر النار . قال : ثم جئت إلى البيت ، فضاحكت الصبيان ولاعبت المرأة ، قال : فخرجت فلقيت أبا بكر ، فذكرت ذلك له . قال : وأنا قد فعلت مثل ما تذكر . فلقينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت : يا رسول الله ، نافق حنظلة . فقال : مه ! فحدثته بالحديث ، فقال أبو بكر : وأنا قد فعلت مثل ما فعل . فقال : يا حنظلة ، ساعة ساعة ، ولو كانت تكون قلوبكم كما تكون عند الذكر ، لصافحتكم الملائكة حتى تسلم عليكم في الطرق . ومن طريق ثالث : فذكرنا الجنة والنار . . . الحديث .
وعلى هذا إجماع الأئمة المعتد بإجماعهم ، وأن
الإيمان قول وعمل ، ويزيد وينقص ، وإذا كان ينقص بالفترة عن الذكر ، فلأن ينقص بفعل المعاصي من باب أولى ، كما سيأتي إن شاء الله - تبارك وتعالى - بيانه قريبا .