وهذا الذي ذكرنا من حديث أنس وجابر ومالك بن صعصعة وأبي ذر وابن [ ص: 1067 ] مسعود nindex.php?page=showalam&ids=3وأبي هريرة nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس وأبي حبة هي من أصح ما ورد ، وأقواه وأجوده وأسنده وأشهره وأظهره ; لاتفاق الشيخين على إخراجهما ، وعن هؤلاء روايات أخر لم نذكرها استغناء عنها بما في الصحيحين .
وفي الباب أحاديث أخر ، عن جماعة من الصحابة ، منهم من لم نذكر nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب وعلي وأبو سعيد nindex.php?page=showalam&ids=75وشداد بن أوس nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي بن كعب وعبد الرحمن بن قرظ وأبو ليلى وعبد الله بن عمرو وحذيفة وبريدة وأبو أيوب وأبو أمامة nindex.php?page=showalam&ids=24وسمرة بن جندب وأبو الحمأ nindex.php?page=showalam&ids=52وصهيب الرومي nindex.php?page=showalam&ids=94وأم هانئ وعائشة وأسماء ابنتا أبي بكر - رضي الله عنهم - أجمعين .
ثم الذي دلت عليه الآيات والأحاديث أن الإسراء والمعراج كانا يقظة لا مناما ، ولا ينافي ذلك ما ذكر في بعض الروايات في قوله - صلى الله عليه وسلم : بينا أنا نائم ، فإن ذلك عند أول ما أتياه ، ولا يدل على أنه استمر نائما ، ولذا كانت رؤيا الأنبياء وحيا ، ولكن في سياق الأحاديث من ركوبه ونزوله وربطه وصلاته وصعوده وهبوطه وغير ذلك ما يدل على أنه أسري بروحه وجسده يقظة لا مناما ، وكذا لا ينافي ذلك رواية شريك : فاستيقظت وأنا بالمسجد الحرام ، فإن رواية شريك فيها أوهام كثيرة ، تخالف رواية الجمهور ، عن أنس في أكثر من عشرة مواضع ، سردها في الفتح ، وسياقه يدل على أنه بالمعنى ، وصرح في مواضع كثيرة أنه لم يثبتها ، وتصريح الآية ( سبحان الذي أسرى بعبده ) ، ( الإسراء 1 ) شامل للروح والجسد ، وكذلك قوله تعالى في سورة النجم ( ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى ) ، ( النجم 13 ) جعل رؤية النبي - صلى الله عليه وسلم - لجبريل عند سدرة المنتهى ، مقابلا لرؤيته إياه في الأبطح ، وهي رؤية عين حقيقة لا مناما . ولو كان الإسراء والمعراج بروحه في المنام ، لم تكن معجزة ، ولا كان لتكذيب قريش بها ، وقولهم : كنا نضرب أكباد الإبل إلى بيت المقدس شهرا ذهابا وشهرا إيابا ، ومحمد يزعم أنه أسري به إليه وأصبح فينا ، إلى آخر تكذيبهم واستهزائهم به - صلى الله عليه وسلم ، لو كان ذلك رؤيا مناما ، لم يستبعدوه ، ولم يكن لردهم عليه معنى ; لأن الإنسان قد يرى في منامه ما هو أبعد من بيت المقدس ، ولا يكذبه أحد استبعادا لرؤياه ، وإنما قص عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مسرى حقيقة يقظة لا مناما ، فكذبوه واستهزءوا به استبعادا لذلك واستعظاما له ، مع نوع مكابرة لقلة علمهم بقدرة الله - عز وجل ، وأن الله [ ص: 1068 ] يفعل ما يريد ، ولهذا لما قالوا للصديق وأخبروه الخبر ، قال : إن كان قال ذلك ، لقد صدق . قالوا : وتصدقه بذلك ؟ قال : نعم ، إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك في خبر السماء يأتيه ، يأتيه بكرة وعشيا ، أو كما قال .