وروى
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن البصري فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( المائدة 54 ) قال
حسن : هو والله
أبو بكر وأصحابه . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16298عبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
وأبو الشيخ ،
والبيهقي في سننه ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر ، عن
قتادة : قال الله تعالى هذه الآية :
يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم ( المائدة 54 ) وقد علم أنه سيرتد مرتدون من الناس ، فلما قبض الله نبيه - صلى الله عليه وسلم - ارتد عامة العرب عن الإسلام إلا ثلاثة مساجد :
أهل المدينة ،
وأهل مكة ،
وأهل جؤاثي من
عبد القيس .
وقال الذين ارتدوا : نصلي الصلاة ولا نزكي ، والله لا تغصب أموالنا ، فكلم
أبو بكر في ذلك ليتجاوز عنهم ، وقيل له : إنهم لو قد فقهوا أدوا الزكاة . فقال : والله لا أفرق بين شيء جمعه الله - عز وجل ، ولو منعوني عقالا مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم عليه ، فبعث الله عصائب مع
أبي بكر فقاتلوا حتى أقروا بالماعون وهو الزكاة . قال
قتادة : فكنا نتحدث أن هذه
[ ص: 1148 ] الآية نزلت في
أبي بكر وأصحابه
فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( المائدة 54 ) إلى آخر الآية .
ولا ينافي هذا ما ورد من أنها نزلت في
أهل اليمن كما أخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير ، عن
شريح بن عبيد قال :
لما أنزل الله يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه ( المائدة 54 ) الآية ، قال عمر - رضي الله عنه : أنا وقومي يا رسول الله ؟ قال : لا ، بل هذا وقومه - يعني : أبا nindex.php?page=showalam&ids=110موسى الأشعري .
وأخرج
ابن سعد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12508وابن أبي شيبة في مسنده ،
nindex.php?page=showalam&ids=16298وعبد بن حميد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14155والحكيم الترمذي ،
nindex.php?page=showalam&ids=16935وابن جرير ،
وابن المنذر ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني ،
وأبو الشيخ ،
وابن مردويه ،
والحاكم وصححه ،
والبيهقي في الدلائل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16737عياض الأشعري قال :
لما نزلت فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( المائدة 54 ) قال رسول الله : هم قوم هذا ، وأشار إلى nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه .
وأخرج
أبو الشيخ ،
وابن مردويه ،
والحاكم في جمعه لحديث
شعبة ،
والبيهقي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13359وابن عساكر ،
عن nindex.php?page=showalam&ids=110أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال : تليت على النبي - صلى الله عليه وسلم - فسوف يأتي الله بقوم ( المائدة 54 ) الآية ، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : قومك يا nindex.php?page=showalam&ids=110أبا موسى الأشعري ، أهل اليمن .
[ ص: 1149 ] وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=16328ابن أبي حاتم في الكنى
nindex.php?page=showalam&ids=14687والطبراني في الأوسط ،
وأبو الشيخ ،
وابن مردويه بسند حسن ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=36جابر بن عبد الله قال :
سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قوله : فسوف يأتي الله بقوم ( المائدة 54 ) الآية ، فقال : هؤلاء قوم من أهل اليمن ، ثم كندة ، ثم السكون ، ثم تجيب .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري في تاريخه ،
nindex.php?page=showalam&ids=16328وابن أبي حاتم ،
وأبو الشيخ ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في الآية قال : هم قوم من
أهل اليمن ، ثم من
كندة ، ثم من
السكون . وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12508ابن أبي شيبة عنه قال : هم
أهل القادسية .
قلت : وكان غالب
أهل القادسية من
أهل اليمن ، بل كانت بجيلة ربع الناس فضلا عن غيرهم ، وكان بأس الناس الذي هم فيه ، كما رواه
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12428إسماعيل بن أبي خالد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16834قيس بن أبي حازم قال : وكان يمر
عمرو بن معد يكرب الزبيدي ، فيقول : يا معشر
المهاجرين كونوا أسودا ، فإنما الفارسي تيس . وقد قتل - رضي الله عنه - أسوارا فارس الفرس ، وأبلى بلاء حسنا ، وكانت له اليد البيضاء يومئذ .
وأخرج
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله تعالى - في تأريخه ، عن
القاسم بن ينخسرة قال : أتيت
ابن عمير فرحب بي ، ثم تلا
من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه ( المائدة 54 ) الآية ، ثم ضرب على منكبي وقال : أحلف بالله أنه لمنكم
أهل اليمن . ثلاثا .
[ ص: 1150 ] وكل هذا لا ينافي ما قدمناه من نزولها في
أبي بكر أولا ، فإن
أهل اليمن لم يرتد جميع قبائلهم يومئذ ، وإنما ارتد كثير منهم مع الأسود ، وثبت كثير منهم على الإيمان مع
nindex.php?page=showalam&ids=32معاذ بن جبل ،
وأبي موسى ،
وفيروز الديلمي ، وغيرهم من عمال النبي - صلى الله عليه وسلم ، ونشب بين مؤمنهم وكافرهم قتال عظيم ، حتى قتل الله
الأسود على يد
فيروز ، وأيد الله الذين آمنوا منهم على عدوهم فأصبحوا ظاهرين ، ولكن لم يرجع أمرهم على ما كانوا عليه قبل
العنسي إلا في خلافة
أبي بكر - رضي الله عنه ، فإنه لم يزل يتابع الكتائب مددا لمؤمنهم على كافرهم حتى راجعوا الإسلام ، وكانوا من أعظم أنصاره حتى صار رؤساء ردتهم
كعمرو بن معد يكرب nindex.php?page=showalam&ids=7368وقيس بن مكشوح وغيرهم من أعظم الناس وأشدهم بلاء في أيام الردة والفتوح ، فحينئذ عاد المعنى إلى
أبي بكر وأصحابه ، وهم من أصحابه ، وكل هذا في شأن السبب لنزول الآية ، وإلا فهي عامة لكل مؤمن يحب الله ويحبه ، ويوالي فيه ويعادي فيه ، ولا يخاف في الله لومة لائم .
وكان
أبو بكر وأصحابه أسعد الناس بذلك ، وأقدمهم فيه ، وأسبقهم إليه ، وأول من تناولته الآية - رضي الله عنه - وأرضاه ، وعن أنصار الإسلام وحزبه أجمعين .
وفي الصحيحين ، وغيرهما ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : لما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، واستخلف
أبو بكر بعده ، وكفر من كفر من العرب ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب لأبي بكر - رضي الله عنه : كيف تقاتل الناس ، وقد قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ، فمن قال لا إله إلا الله ، فقد عصم مني ماله ونفسه إلا بحقه ، وحسابه على الله - عز وجل . فقال
أبو بكر : والله ، لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة ، فإن الزكاة حق المال ، والله لو منعوني عقالا كانوا يؤدونه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقاتلتهم على منعه ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب : فوالله ما هو إلا أن رأيت الله - عز وجل - قد شرح صدر
أبي بكر للقتال ، فعرفت أنه الحق .
وتفاصيل مواقفه العظام - رضي الله عنه - مشهورة مبسوطة في كتب السيرة
[ ص: 1151 ] وغيرها ، وكانت مدة خلافته سنتين وثلاثة أشهر ، وكانت وفاته - رضي الله عنه - في يوم الاثنين عشية ، وقيل بعد المغرب ، ودفن من ليلته وذلك لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة بعد مرض خمسة عشر يوما ، وكان
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - يصلي بالمسلمين ، وفي أثناء هذا المرض عهد بالأمر من بعده إلى
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وكان الذي كتب العهد
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان بن عفان ، وقرئ على المسلمين فأقروا به ، وسمعوا له وأطاعوا ، وكان
عمر الصديق - رضي الله عنه - يوم توفي ثلاثا وستين سنة ، السن الذي توفي فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وقد جمع الله بينهما في التربة كما جمع بينهما في الحياة ، فرضي الله عنه وأرضاه ، ومن جميع أبواب الجنة دعاه ، وقد فعل ولله الحمد والمنة .
خلافة الفاروق رضي الله عنه .
ثانيه في الفضل بلا ارتياب الصادع الناطق بالصواب أعني به الشهم nindex.php?page=showalam&ids=2أبا حفص عمر
من ظاهر الدين القويم ونصر الصارم المنكي على الكفار
وموسع الفتوح في الأمصار
.
( ثانيه ) أي ثاني
أبي بكر ( في الفضل ) على الناس بعده فلا أفضل منه ، وكذا هو ثانيه في الخلافة بالإجماع ( بلا ارتياب ) أي بلا شك ( الصادع ) بالحق المجاهر به الذي لا يخاف في الله لومة لائم ، ومنه قول الله تعالى لنبيه - صلى الله عليه وسلم
فاصدع بما تؤمر ( الحجر 94 ) فكان
عمر - رضي الله عنه - كذلك ، وبه سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - فاروقا ( الناطق بالصواب ) والذي وافق الوحي في أشياء قبل نزوله ، كما سيأتي ( أعني به ) أي بهذا النعت ( الشهم ) الذكي المتوقد السيد المطاع الحكم القوي في أمر الله الشديد في دين الله (
nindex.php?page=showalam&ids=2أبا حفص عمر ) بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رياح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب العدوي ثاني الخلفاء ، وإمام الحنفاء بعد
أبي بكر - رضي الله عنهما ، وأول من تسمى أمير المؤمنين ، ( الصارم ) السيف المسلول ( المنكي ) من النكاية ( على الكفار ) لشدته عليهم ، وإثخانه إياهم حتى إن كان شيطانه ليخافه أن يأمره بمعصية ، كما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - ( وموسع ) من الاتساع ( الفتوح ) فتوح الإسلام
[ ص: 1152 ] ( في الأمصار ) فكمل فتوح
بلاد الروم بعد اليرموك ، ثم
بلاد فارس حتى مزق الله به ملكهم كل ممزق ، ثم أوغل في
بلاد الترك كما هو مبسوط في كتب السير وغيرها .
تقدمت إشارات النصوص النبوية إلى خلافته قريبا مع ذكر
أبي بكر - رضي الله عنه ، وكثير من فضائله أيضا التي شارك فيها
أبا بكر ، وفي الصحيحين عن
جابر - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025627رأيتني دخلت الجنة فإذا أنا nindex.php?page=showalam&ids=11088بالرميصاء امرأة أبي طلحة ، وسمعت خشخشة فقلت : من هذا ؟ فقال : هذا بلال ، ورأيت قصرا بفنائه جارية ، فقلت : لمن هذا ؟ فقال : لعمر ، فأردت أن أدخله فأنظر إليه ، فذكرت غيرتك ، فقال عمر : بأبي وأمي يا رسول الله ، أعليك أغار ؟
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : بينا نحن عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025628بينا أنا نائم رأيتني في الجنة ، فإذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر ، فقلت : لمن هذا القصر ؟ فقالوا : لعمر ، فذكرت غيرته فوليت مدبرا ، فبكى عمر ، وقال : أعليك أغار يا رسول الله ؟
وعن
حمزة بن عبد الله بن عمر بن الخطاب ، عن أبيه ، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025629بينا أنا نائم ، إذ رأيت قدحا أوتيت به فيه لبن ، فشربت منه حتى إني لأرى الري يجري في أظفاري ، ثم أعطيت فضلي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب . قالوا : فما أولت ذلك يا رسول الله ؟ قال : العلم .
[ ص: 1153 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=44أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025630بينا أنا نائم ، رأيت الناس عرضوا علي ، وعليهم قمص ، فمنها ما يبلغ الثدي ، ومنها ما يبلغ دون ذلك ، وعرض علي nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، وعليه قميص يجتره ، قالوا : فما أولته يا رسول الله ؟ قال : الدين .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=16964محمد بن سعد بن أبي وقاص ، عن أبيه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025631استأذن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده نسوة من قريش يكلمنه ، ويستكثرنه عالية أصواتهن على صوته - صلى الله عليه وسلم ، فلما استأذن nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب قمن فبادرن الحجاب ، فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، فدخل عمر ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يضحك ، فقال عمر : أضحك الله سنك يا رسول الله . فقال النبي - صلى الله عليه وسلم : عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي ، فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب . فقال عمر : فأنت أحق أن يهبن يا رسول الله . فقال عمر : يا عدوات أنفسهن ، أتهبنني ولا تهبن رسول الله - صلى الله عليه وسلم ؟ فقلن : نعم ، أنت أفظ وأغلظ من رسول الله - صلى الله عليه وسلم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : إيها يا ابن الخطاب ، والذي نفسي بيده ما لقيك الشيطان سالكا فجا قط إلا سلك فجا غير فجك .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال النبي - صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025632لقد كان فيمن كان قبلكم من بني إسرائيل رجال يكلمون من غير أن يكونوا أنبياء ، فإن يكن من أمتي منهم أحد فعمر .
[ ص: 1154 ] وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنهما -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025633أنه قال : لما توفي عبد الله بن أبي ، جاء ابنه nindex.php?page=showalam&ids=4897عبد الله بن عبد الله إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأعطاه قميصه ، وأمره أن يكفنه فيه ، ثم قام يصلي عليه ، فأخذ nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب بثوبه ، فقال : تصلي عليه وهو منافق ، وقد نهاك الله أن تستغفر لهم ؟ قال : إنما خيرني الله أو أخبرني الله ، فقال : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم ( التوبة 80 ) فقال : سأزيده على سبعين . قال : فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وصلينا معه ، ثم أنزل الله عليه ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون ( التوبة 84 ) . متفق على جميعها .
وفي
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أنه قال :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025634لما مات عبد الله بن أبي بن سلول ، دعي له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليصلي عليه ، فلما قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، وثبت إليه فقلت : يا رسول الله أتصلي على ابن أبي ، وقد قال يوم كذا كذا وكذا ، قال : اعدد عليه قوله . فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال : أخر عني يا عمر ، فلما أكثرت عليه قال : إني خيرت فاخترت ، لو أعلم أني إن زدت على السبعين يغفر له لزدت عليها . قال : فصلى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم انصرف ، فلم يلبث إلا يسيرا حتى نزلت الآيتان من " براءة " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا . . . إلى قوله : وهم فاسقون ( التوبة 84 ) قال : فعجبت من جرأتي على رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، والله ورسوله أعلم .
وفي صحيح
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنه - في قصة أسارى بدر بطوله ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس :
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025635فلما أسروا الأسارى ، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأبي بكر وعمر : ما ترون في هؤلاء الأسارى ؟ فقال أبو بكر : هم يا نبي الله بنو العم والعشيرة ، أرى أن تأخذ منهم فدية ، فتكون لنا قوة على الكفار ، فعسى الله أن يهديهم للإسلام ، [ ص: 1155 ] فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : ما ترى يا ابن الخطاب ؟ قلت : لا والله يا رسول الله ، ما أرى الذي رأى أبو بكر ، ولكني أرى أن تضرب أعناقهم ، فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه ، وتمكنني من فلان - نسيبا لعمر - فأضرب عنقه ، فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها ، فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ، ولم يهو ما قلت ، فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان ، قلت : يا رسول الله ، أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك ، فإن وجدت بكاء بكيت ، وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما . قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : أبكي للذي عرض علي في أصحابك من أخذهم الفداء ، لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة - شجرة قريبة من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأنزل الله - عز وجل ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض - إلى قوله - فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا ( الأنفال 67 - 69 ) فأحل الله الغنيمة لهم .
وفي صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
أنس - رضي الله عنه - قال : قال
عمر - رضي الله عنه : وافقت الله في ثلاث أو وافقني الله في ثلاث ، قلت : يا رسول الله ، لو اتخذت من مقام
إبراهيم مصلى ، فأنزل الله تعالى :
واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ( البقرة 125 ) وقلت : يا رسول الله ، يدخل عليك البر والفاجر ، فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب ، فأنزل الله آية الحجاب ، قال : وبلغني معاتبة النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض نسائه ، فدخلت عليهن قلت : إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله - صلى الله عليه وسلم - خيرا منكن ، حتى أتيت إحدى نسائه ، قالت : يا
عمر ، ما في رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت ؟ فأنزل الله تعالى :
عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات ( التحريم 5 ) .
[ ص: 1156 ] وعنه - رضي الله عنه -
nindex.php?page=hadith&LINKID=1025636أن رجلا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة ، فقال : متى الساعة ؟ قال : وماذا أعددت لها ؟ قال : لا شيء إلا أني أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم . فقال : أنت مع من أحببت . قال أنس : فما فرحنا بشيء كما فرحنا بقول النبي - صلى الله عليه وسلم : أنت مع من أحببت . قال أنس : فأنا أحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر وعمر ، وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم ، وإن لم أعمل بمثل أعمالهم .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=12ابن عمر - رضي الله عنه - قال : ما رأيت أحدا قط بعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حين قبض كان أجد وأجود ، حتى انتهى من
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه .
وعن
nindex.php?page=showalam&ids=83المسور بن مخرمة قال : لما طعن
عمر - رضي الله عنه - جعل يألم ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - وكأنه يجزعه : يا أمير المؤمنين ، ولئن كان ذلك لقد صحبت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأحسنت صحبته ، ثم فارقته وهو عنك راض ، ثم صحبت
أبا بكر فأحسنت صحبته ، ثم فارقته وهو عنك راض ، ثم صحبت صحبتهم ، ولئن فارقتهم ، لتفارقنهم وهم عنك راضون . قال : أما ما ذكرت من صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضاه ، فإنما ذاك من الله تعالى من به تعالى علي ، وأما ما ذكرت من صحبة
أبي بكر ورضاه ، فإنما ذلك من الله - عز وجل - ذكره ، من به علي ، وأما ما ترى من جزعي ، فهو من أجلك وأجل أصحابك ، والله لو أن لي طلاع الأرض ذهبا ، لافتديت به من عذاب الله - عز وجل - قبل أن أراه .
وفيهما عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس - رضي الله عنهما - قال : وضع
عمر على سريره ، فتكنفه الناس يدعون ويصلون قبل أن يرفع وأنا فيهم ، فلم يرعني إلا رجل آخذ منكبي ، فإذا
علي - رضي الله عنه - فترحم على
عمر ، وقال : ما خلفت أحدا أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك ، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله تعالى مع
[ ص: 1157 ] صاحبيك ، وحسبك أني كنت أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول كثيرا : ذهبت أنا
وأبو بكر وعمر ، ودخلت أنا
وأبو بكر وعمر . زاد
مسلم في آخره أيضا : فإن كنت لأرجو أو لأظن أن يجعلك الله تعالى معهما . والأحاديث في فضله كثيرة جدا قد أفردت بالتصنيف ، وفيما ذكرناه كفاية .
قصة
استشهاد الفاروق ، رضي الله عنه .
وكان قصة استشهاده ما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري - رحمه الله تعالى - قال : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=17173موسى بن إسماعيل ، حدثنا
أبو عوانة ، عن
حصين ، عن
عمرو بن ميمون قال : رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قبل أن يصاب بأيام
بالمدينة ، وقف على
nindex.php?page=showalam&ids=21حذيفة بن اليمان nindex.php?page=showalam&ids=5541وعثمان بن حنيف ، وقال : كيف فعلتما ؟ أتخافان أن تكونا قد حملتما الأرض ما لا تطيق ؟ قالا : لا حملناها أمرا هي له مطيقة ، ما فيها كبير فضل ، قال : انظرا أن تكونا حملتما الأرض ما لا تطيق . قالا : لا . فقال
عمر : لئن سلمني الله تعالى لأدعن أرامل
أهل العراق لا يحتجن إلى رجل بعدي أبدا . قال : فما أتت عليه رابعة حتى أصيب ، رضي الله عنه .
قال : إني لقائم ما بيني وبينه إلا
nindex.php?page=showalam&ids=11عبد الله بن عباس غداة أصيب ، وكان إذا مر بين الصفين قال : استووا ، حتى إذا لم ير فيهن خللا تقدم فكبر ، وربما قرأ سورة يوسف أو النحل أو نحو ذلك في الركعة الأولى حتى يجتمع الناس ، فما هو إلا أن كبر حتى سمعته يقول : قتلني ، أو أكلني الكلب حين طعنه ، فطار العلج بسكين ذات طرفين لا يمر على أحد يمينا ولا شمالا إلا طعنه ، حتى طعن ثلاثة عشر رجلا ، مات منهم سبعة ، فلما رأى ذلك رجل من المسلمين ، طرح عليه برنسا ، فلما ظن العلج أنه مأخوذ نحر نفسه ، وتناول
عمر يد
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف فقدمه ، فمن يلي
عمر فقد رأى الذي أرى ، وأما نواحي المسجد فلا يدرون غير أنهم فقدوا صوت
عمر - رضي الله عنه ، وهم يقولون : سبحان الله سبحان الله ، فصلى بهم
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف صلاة خفيفة ، فلما
[ ص: 1158 ] انصرفوا قال : يا
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، انظر من قتلني . فجال ساعة ، ثم جاء فقال : غلام المغيرة . فقال : الصنع ؟ قال : قاتله الله ، لقد أمرت به معروفا ، الحمد لله الذي لم يجعل منيتي بيد رجل يدعي الإسلام ، فقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج
بالمدينة ، وكان
العباس أكثرهم رقيقا . فقال : إن شئت فعلت ، أي إن شئت قتلنا . قال : كذبت ، بعدما تكلموا بلسانكم ، وصلوا قبلتكم ، وحجوا حجكم ؟ فاحتمل إلى بيته ، فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ ، فقائل يقول : لا بأس ، وقائل يقول : أخاف عليه ، فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه ، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جرحه ، فعلموا أنه ميت ، فدخلنا عليه ، وجاء الناس يثنون عليه ، وجاء رجل شاب فقال : أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله لك من صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقدم في الإسلام ما قد علمت ، ثم وليت فعدلت ، ثم شهادة . قال : وددت أن ذلك كفاف ، لا علي ولا لي . فلما أدبر ، إذا إزاره يمس الأرض ، قال : ردوا علي الغلام . قال : ابن أخي ، ارفع ثوبك ، إنه أبقى لثوبك ، وأتقى لربك . يا
عبد الله بن عمر ، انظر ما علي من الدين ، فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفا أو نحوه . قال : إن وفى له مال
آل عمر فأده من أموالهم ، وإلا فسل
بني عدي بن كعب ، فإن لم تف أموالهم ، فسل في
قريش ولا تعدهم إلى غيرهم ، فأد عني هذا المال ، وانطلق إلى
عائشة فقل : يقرأ عليك
عمر السلام ، ولا تقل أمير المؤمنين ، فإني لست اليوم للمؤمنين أميرا ، وقل : يستأذن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه . فسلم واستأذن ، ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي ، فقال : يقرأ عليك
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب السلام ، ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه . فقالت : كنت أريده لنفسي ، ولأوثرن به اليوم على نفسي . فلما أقبل قيل : هذا
عبد الله بن عمر قد جاء ، قال : ارفعوني ، فأسنده رجل إليه ، فقال : ما لديك ؟ قال : الذي تحب يا أمير المؤمنين ، أذنت . قال : الحمد لله ، ما كان من شيء أهم إلي من ذلك ، فإذا أنا قضيت فاحملوني ، ثم سلم فقل : يستأذن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، فإن أذنت لي فأدخلوني ، وإن ردتني ردوني إلى مقابر المسلمين . وجاءت
nindex.php?page=showalam&ids=41أم المؤمنين حفصة - رضي الله عنها ، والنساء تسير معها ، فلما رأيناها قمنا ، فولجت عليه فبكت عنده ساعة ، واستأذن الرجال فولجت داخلا
[ ص: 1159 ] لهم فسمعنا بكاءها من الداخل ، فقالوا : أوص يا أمير المؤمنين ، استخلف . قال : ما أجد أحق بهذا الأمر من هؤلاء النفر أو الرهط الذين توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو عنهم راض ، فسمى
عليا وعثمان والزبير وطلحة وسعدا وعبد الرحمن ، وقال : ليشهدكم
عبد الله بن عمر ، وليس له من الأمر شيء - كهيئة التعزية له - فإن أصابت الإمرة
سعدا فهو ذاك ، وإلا فليستعن به أيكم ما أمر ، فإني لم أعزله عن عجز ولا خيانة ، وقال : أوصى الخليفة من بعدي بالمهاجرين الأولين أن يعرف لهم حقهم ، ويحفظ لهم حرمتهم ، وأوصيه
بالأنصار خيرا الذين تبوءوا الدار والإيمان من قبلهم أن يقبل من محسنهم ، وأن يعفو عن مسيئهم ، وأوصيه بأهل الأمصار خيرا ، فإنهم ردء الإسلام وجباة المال وغيظ العدو ، وأن لا يؤخذ منهم إلا فضلهم عن رضاهم ، وأوصيه بالأعراب خيرا ، فإنهم أصل العرب ومادة الإسلام أن يؤخذ من حواشي أموالهم وترد على فقرائهم ، وأوصيه بذمة الله وذمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يوفي لهم بعهدهم ، وأن يقاتل من ورائهم ولا يكلفوا إلا طاقتهم ، فلما قبض خرجنا به فانطلقنا نمشي ، فسلم
عبد الله بن عمر قال : يستأذن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب ، قالت : أدخلوه . فأدخل ، فوضع هنالك مع صاحبيه . فلما فرغ من دفنه اجتمع هؤلاء الرهط ، فقال
عبد الرحمن : اجعلوا أمركم إلى ثلاثة منكم ، فقال
الزبير : قد جعلت أمري إلى
علي ، فقال
طلحة : قد جعلت أمري إلى
عثمان ، وقال
سعد : قد جعلت أمري إلى
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف . فقال
عبد الرحمن : أيكما تبرأ من هذا الأمر فلنجعله إليه ، والله عليه والإسلام لينظرن أفضلهم في نفسه ؟ فأسكت الشيخان ، فقال
عبد الرحمن : أفتجعلونه إلي ، والله على أن لا آلو عن أفضلكم ؟ قالا : نعم ، فأخذ بيد أحدهما فقال : لك من قرابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والقدم في الإسلام ما قد علمت ، فالله عليك لئن أمرتك لتعدلن ، ولئن أمرت
عثمان لتسمعن ولتطيعن ؟ ثم خلا بالآخر فقال له مثل ذلك ، فلما أخذ الميثاق قال : ارفع يدك يا
عثمان ، فبايعه وبايع له علي - رضي الله عنه ، وولج أهل الدار فبايعوه - رضي الله عنهم - أجمعين .
[ ص: 1160 ] وكانت
مدة خلافة الفاروق - رضي الله عنه - عشر سنين وستة أشهر ، وكانت وفاته على المشهور لثلاث بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ، وله من العمر ثلاث وستون سنة على الأشهر ، وهي السن التي توفي لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق - رضي الله عنه .
وبويع
لعثمان في ثلاث من المحرم دخول سنة أربع وعشرين ، وأول من بايعه
nindex.php?page=showalam&ids=38عبد الرحمن بن عوف ، ثم
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب ، ثم بقية أصحاب الشورى ، ثم بقية أهل الدار ، ثم بقية
المهاجرين والأنصار - رضي الله عنهم - أجمعين .